قيل: نعم، وطلحة والزبير كانا مجتهدين، وعلي - وإن كان أفضل منهما - لكن لم يبلغ فعلهما بعائشة رضي الله عنها ما بلغ فعل علي، فعلي أعظم قدرا منهما، ولكن إن كان فعل طلحة والزبير معها ذنبا، ففعل علي أعظم ذنبا، فتقاوم كبر القدر وعظم الذنب.
فإن قالوا: هما أحوجا عليا إلى ذلك، لأنهما أتيا بها، فما فعله علي مضاف إليهما لا إلى علي.
قيل: وهكذا معاوية لما قيل له: قد قتل عمار، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ”تقتلك الفئة الباغية “ قال: أو نحن قتلناه؟ إنما قتله الذين جاءوا به حتى جعلوه تحت سيوفنا. فإن كانت هذه الحج مردودة، فحجة من احتج بأن طلحة والزير هما فعلا بعائشة ما جرى عليها من إهانة عسكر علي لها، واستيلائهم عليها - مردودة أيضا. وإن قبلت هذه الحجة قبلت حجة معاوية رضي الله عنه.
والرافضة وأمثالهم من أهل الجهل والظلم يحتجون بالحجة التي تستلزم فساد قولهم وتناقضهم، فإنه إن احتج بنظيرها عليهم فسد قولهم المنقوض بنظيرها، وإن لم يحتج بنظيرها بطلت هي في نفسها، لأنه لا بد م التسوية بين المتماثلين، ولكن منتهاهم مجرد الهوى الذي لا علم معه، ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله، إن الله لا يهدي القوم الظالمين.
وجماهير أهل السنة متفقون على أن عليا أفضل من طلحة والزبي، فضلا عن معاوية وغيره. ويقولون: إن المسلمين لما افترقوا في خلافته فطائفة قاتلته وطائفة قاتلت معه، كان هو وأصحابه أولى الطائفتين بالحق، كما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ”تمر مارقة على حين فرقة من المسلمين، يقتلهم أولى الطائفتين بالحق“. فهؤلاء هم الخوارج المارقون الذين مرقوا فقتلهم علي وأصحابه، فعلم أنهم كانوا أولى بالحق من معاوية رضي الله عنه وأصحابه. لكن أهل السنة يتكلمونب علم وعدل، ويعطون كل ذي حق حقه.
صفحه ۵۴