وثالثها: أن الوضوء الواجب يسقط، وأن الطهارة الصغرى وهي الوضوء دخلت في الطهارة الكبرى وهي الاغتسال، وهذا قول زيد بن علي، ولقائل أن يقول: يجوز تقديم الوضوء الواجب قبل الاغتسال لخبر اللمعة، ويجوز تأخيره؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم توضأ بعد الاغتسال، ويجوز أن يجمع بينهما وصورته أن يغسل أعضاء الوضوء على الترتيب الواجب فيه، وينوي غلسها للجنابة ولجميع الصلوات ويسمى في أوله فإذا وصل إلى رأسه مسحه ونواه لجميع الصلوات لا غير، ثم غسل رجليه ونوى غسلهما للجنابة وللصلوات أجمع، ثم أفاض الماء على رأسه فغسل رأسه وما بقي من جسده ونواه للجنابة، وإن شاء أخر غسل رجليه حتى يفرغ من غسل بدنه، ثم تنحى عن الموضع فغسل رجليه ونوى غسلهما للجنابة وللصلوات أجمع، وأجزاه ذلك إن شاء الله تعالى، ووجهه (خبر) وهو قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم:(( وإنما لامرئ ما نوى)) فحقق أن يكون للمرء ما نواه دون ما عداه، دل ذلك على ما قلناه، والله الهادي.
فصل في بيان ما يجب على الجنب أن يفعله قبل الاغتسال
(خبر) وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((إذا جامع أحدكم فلا يغتسل حتى يبول وإلا تردد بقية المني فيكون منه داء لا دواء له)).
قال أصحابنا: دل ذلك على وجوب البول قبل الاغتسال، وهذا حكم يختص بالرجال؛ لأن مخرج البول والمني منهم واحد، وأما النساء فلا؛ لأن مخرج البول منهن غير مخرج المني، فإن البول له مسلك في أعلى الفرج لا يخرج منه غيره، ومسلك المني هو مسلك الحيض والولد والجماع، وهذا الخبر يدل على ما ذكروه لوجوب دفع الضرر عن النفس، فإنه يدل على أنه يبقى في الإحليل بعد الجماع بقية لا يخرج إلا بالبول، يزيده وضوحا.
صفحه ۵۷