إسما لما كنا وراء إثباته من هذا الكمال الأول، فقد عرفنا الآن معنى الإسم الذى يقع على الشىء الذى سمى نفسا بإضافة له، فبالحرى أن نشتغل بإدراك ماهية هذا الشىء الذى صار بالاعتبار المقول نفسا، ويجب أن نشير فى هذا الموضع إلى إثبات وجود النفس التى لنا إثباتا على سبيل التنبيه والتذكير إشارة سديدة الموقع عند من له قوة على ملاحظة الحق نفسه من غير احتياج إلى تثقيفه وقرع عصاه وصرفه عن المغلطات، فنقول بجب أن يتوهم الواحد منا كأنه خلق دفعة وخلق كاملا لكنه حجب بصره عن مشاهدة الخارجات، وخلق يهوى فى هواء أو خلاء هويا لا يصدمه فيه قوام الهواء صدم ما يحوج أن يحس، وفرق بين أعضائه فلم تتلاق ولم تتماس، ثم يتأمل أنه هل يثبت وجود ذاته فلا يشك فى إثباته لذاته موجودة ولا يثبت مع ذلك طرفا من أعضائه ولا باطنا من أحشائه ولا قلبا ولا دماغا ولاشيئا من الأشياء من خارج بل كان يثبت ذاته ولا يثبت لها طولا ولا عرضا ولا عمقا، ولو أنه أمكنه فى تلك الحالة أن يتخيل يدا أو عضوا آخر لم يتخيله جزءا من ذاته ولا شرطا فى ذاته، وأنت تعلم أن المثبت غير الذى لم يثبت، والمقربة غير الذى لم يقربه، فإذن الذات التى أثبت وجودها خاصية له على أنها هو بعينه غير جسمه وأعضائه التى لم يثبت، فإذا المتنبه له سبيل إلى أن يتنبه على وجود النفس شيئا غير الجسم بل غير جسم، وأنه عارف به مستشعر له وإن كان ذاهلا عنه يحتاج أن يقرع عصاه،
صفحه ۱۶