فالفعل والانفعال إنما يجرى بين الأجسام التى عندنا الفاعل بعضها فى بعض، إذا كانت بينهما مماسة، ولأجل ذلك جرت العادة بأن يخص هذا المعنى فى هذا الوضع بالمماسة، حتى إذا التقى جسمان، ولم يؤثر أحدهما فى الآخر، لم يسم فى هذا الوضع، مماسة. وإن كان أحدهما لا يؤثر ولا يتأثر قيل انه يماس المتأثر عنه، ولا يماسه المتأثر. فكأن المماسة فى هذا الوضع ملاقاة مؤثر. ولابد من أن يكون له وضع. ويلزمه أن يكون ذا ثقل وخفة؛ إذ قد تبين أن الأجسام القابلة للتركيب والمزج. لهذه الصفة .وقد يطولون فى هذا المعنى بما لا فائدة فيه.
فالفاعل من هذه الأجسام يفعل بالمماسة.
وقال قوم من الأقدمين إن الفاعل ما لم ينفذ فى ثقب خالية من المنفعل لم يفعل فيه. ولم يدروا أن غاية ما تفيده هذه الثقب هى التمكن من زيادة اللقاء فإن حصل اللقاء من غير ثقب حصل الفعل فى المنفعل، وكان المغير بالذات هو اللقاء والمماسة. لكن الفاعل كلما كان اكثر مخالطة. كان الانفعال أفشى. ولأجسام العنصرية إذا تلاقت فعل بعضها فى بعض فكان كل واحد منها يفعل بصورته، وينفعل بمادته، كالسيف يقطع بحدته ويفل وينثلم بحديده. ويغفل كل واحد منهما فى ضده فى النوع الشبيه له فى الجنس المشارك فى قوة مادته. وهذا الانفعال لا يزال يستمر إلى أحد أمرين:
إما أن يغلب بعضها بعضا، فيحيله إلى جوهره، فيكون كونا فى نوع الغالب وفسادا للمغلوب.
صفحه ۱۲۶