وكل جرم يقبل كله أو بعضه الكون والفساد فليس بأزلى أما إن قبل بكليته فلا شك فيه. وإن قبل جزء منه، وهو مشارك له فى نوعه، فطبيعة نوعه قابلة للكون والفساد.
وقد بينا من قبل إن ما كان كذلك فليس غير كائن؛ وما ليس غير كائن مما هو موجود فليس بأزلى .فعناصر الكون والفساد غير أزلية، بل وجودها عن كون بعضها من بعض.
فحرى بنا الآن أن نتعرف الفعل والانفعال كيف يجرى بين هذه.
والفعل فى هذا الموضع يعنى به تحريكا فى الكيف ويعنى بالانفعال تحركا فيه، على نحو ما علمت من صورة ذلك فى مواضع أخرى. فنقول أن ذلك يكون بمماسة. فأنه لو لم يكن بسبب مماسة لم يخل أما أن يكون بنسبة أخرى وضعية، أو يكون كيف اتفق. ولا يجوز أن يقال إن ذلك كيف اتفق، وإلا لكان الجرم يسخن قبلنا مما يسخنه قبلنا بالمضادة، كيف كان وضعه منه. فكان الجسم يسخن لأن نارا مثلا موجودة تبعد عشرين فرسخا عنه.
فأما إن كان على نسبة وضع آخر غير المماسة نوعا من المحاذاة والقرب فإن المتوسط، إذا كان لا يسخن ولا يبرد لم يسخن المنفعل إلا بعد أيضا، ولم يبرد. وأن سخن المتوسط فهو المؤثر القريب ويؤثر بمماسة لا محالة.
صفحه ۱۲۵