محمدًا ﷺ لم يكن ممن يُعَلِّم هذه الحيل ويفتي بها ولا أصحابه، وأنها لا تليق بدين الله أصلًا.
الوجه الرابع: أنا لو فرَضْنا أن الحيل من مسائل الاجتهاد، كما يختاره في بعضها طائفةٌ من أصحابنا وغيرهم، فإنَّا إنما بيَّنا الأدلة الدالة على تحريمها، كما في سائر مسائل الاجتهاد، فأما جواز تقليد من يخالف فيها وتسويغ الخلاف فيها، وغير ذلك، فليس هذا موضعَ الكلام فيه، وليس الكلام في هذا مما يختص هذا الضرب من المسائل، ولا يحتاج على هذا التقدير أن يُجاب عن السؤال، وحينئذٍ فمن وضح له الحق؛ وَجَبَ عليه اتباعُه، ومن لم يتَّضِح له؛ فحكمه حكمُ أمثاله في أمثال هذه المسائل.
الوجه الخامس: أن المتأخرين أحدثوا حِيَلًا لم يصح القول بها عن أحدٍ من الأئمة، ونسبوها إلى مذهب الشافعيِّ وغيره، وهم مخطئون في نسبتها إليه على الوجه الذي يدَّعونه، يعرفُ ذلك من عرف نصوصَ الشافعي وغيره.
فإن الشافعيَّ ليس معروفًا بأن يفعل الحيل ولا يدل عليها، بل يكرهها وينهى عنها، بعضُها كراهةَ تحريم وبعضُها تنزيه، وأكثر الحيل المضافة إلى مذهبه من تصرُّف بعضِ المتأخِّرين من أصحابه، تلقَّوْها عن المشرقيين.
نعم، الشافعي يُجْري العقود على ظاهرها من غير سؤال للعاقد عن مقصوده، كما يُجري أمر من ظهرت زندقتُه على ظاهر الأمر إذا تاب، فيقبل توبتَه، وكما يُجري كنايات القذف وكنايات
1 / 83