مَسَاغ؛ لم يُنْكَر على من عمل بها مجتهدًا أو مقلِّدًا، وإنما دخل هذا اللبس من جهة أن القائل يعتقد أن مسائل الخلاف هي مسائل الاجتهاد، كما اعتقد ذلك طوائف من الناس.
والصواب: أن مسائل الاجتهاد ما لم يكن فيها دليلٌ يجبُ العملُ به وجوبًا ظاهرًا، مثل حديث صحيح لا معارضَ له من جنسه، فيسوغ إذا عُدِم ذلك فيها الاجتهاد، فقد تيقَّنَّا صحة كثير من (^١) أحد القولين، وليس فيه طعن على أحدٍ خالفها، مثل كون الحامل المتوفَّى عنها عدتُها وضع الحمل، وأن الجماع المجرَّد [عن إنزال] يوجب الغُسْلَ، وأن ربا الفضل والمتعة حرام، والنبيذ حرام، وأن السنة في الركوع الأخذ بالرُّكَب، وأن ديةَ الأصابع سواء، وأن يد السارق تُقْطع في ثلاثة دراهم، وأن البائع أحق بِسِلْعته إذا أفْلَس المشتري، وأن المسلم لا يُقتل بالكافر، ونحوه كثير جدًّا، من المسح على الخُفَّيْن (^٢).
فمن بلغه ما في هذا الباب من السنة التي لا معارضَ لها، فليس له عند الله عُذْر بتقليد من ينهاه عن تقليده، ويقول: إذا صحَّ الحديث فلا تَعْبأ (١٥٩/ أ) بقولي.
ولو لم يكن في الباب أحاديث لَعَلم المؤمن بالاضطرار أن
_________
(^١) كذا في الأصل و(م) وانظر "إعلام الموقعين": (٤/ ٢٨٨)، وفي "الإبطال": "صحة أحد القولين".
(^٢) كذا في الأصل و(م)، وهي في "الإبطال" في سياق المسائل التي تيقنا فيها صحة أحد القولين، ولفظه: "وأن المسح على الخفين حضرًا وسفرًا".
1 / 82