ومن شرح الله صدره للإسلام يكرهها وينفر قلبُه منها، والمفتي بغير علم يقول: هي حلال، وهذا جائز، وهذا لا بأس به! ! وهو مُخطئ في هذه الأقوال باتفاق العلماء، فإن أقلَّ درجات أكثرها الكراهة، وقد ذكرنا اتفاقَهم على كراهة التحليل.
ومنشأ هذه الحِيَل وأصلها من اليهود، فلهذا تجد الغاوي من المتفقِّهة متشبِّهًا بهم، وصار أهل الحيل تَعْلوهم الذِّلة والمسكنة لمشابهتهم (^١) باليهود في بعض الأخلاق، ثم قد استطار شررُ هذه الحِيل حتى دخلت في أكثر أبواب الدين، وصارت معروفًا وردُّها منكرًا عند كثير ممن لا يعرف أمور الإسلام وأصوله.
وكلما رقَّ دينُ بعضِ الناس أحدثَ حيلةً، وأكثرها مما أُجْمِع على تحريمها، مثل تلقين بعض الشروطيين لمن يريدُ أن يملك ابنه أو غيره أن يُقر بذلك إقرارًا أو يجعله بيعًا (^٢)، وهذا حرام بالإجماع، فإنه كذب يضر الورثة. وحتى (^٣) إن بعض المتورِّعين من الشهود يحسب أن لا إثم عليه في الشهادة على ذلك، ولا ريبَ أن الشهادةَ على ما يُعلم تحريمه من عقدٍ أو إقرار أو حكم حرام؛ فقد لعن رسول الله ﷺ آكلَ الربا وموكلَه وشاهدَيه وكاتِبَه (^٤).
ومثل ما أحدثَ بعضُ الحكام الدعوى المزوَّرة، وأول من
_________
(^١) "الإبطال": "لمشاركتهم".
(^٢) ويُشْهِد على نفسه بقبض الثمن.
(^٣) انظر الكلام الذي قبله في "الإبطال": (ص/ ١٣٥).
(^٤) أخرجه مسلم رقم (١٥٩٨) من حديث جابر ﵁.
1 / 73