فهذا يبيع بيعًا بتاتًا مقصودًا ويستوفي الثمن، ثم يشتري به ما أحبَّ من غير ذلك المشتري، فأما إن كان من ذلك المشتري، فإنهم كرهوه، حيث يكون في مظنة أن لا [يَبُتَّا] (^١) البيعَ الأول، ورخَّص فيه من لم يعتبر ذلك.
قال محمد بن سيرين: كانوا يكرهون للرجل أن يبتاع من الرجل الدراهم بالدنانير ثم يشتري منه بالدراهم دنانير (^٢).
والبيع طريق مشروع لحصول المُلْك ظاهرًا وباطنًا، بحيث لا يبقى للبائع فيه علاقة، فإذا سلك وقصد به ذلك، فهو جائز، وليس مما نحن فيه، فإنه لم يقصد به المقصود الشرعي.
وبالجملة؛ فقد نصبَ الشارعُ إلى الأحكام أسبابًا تُقْصَد لحصول تلك [الأحكام] (^٣)، فمن دلَّ عليها وأمر بها من يقصد الحلالَ، ليقصد بها المقصودَ الذي جُعِلت له؛ فهذا مُعِلِّم خير، وهذا هو الذي تقدم ذكره عن الإمام أحمد في أول الكتاب (^٤)، لما ذكَرَ: أن حيلة المسلمين أن يتَّبعوا ما شُرِع لهم، فيسلكوا في
_________
= أما اللفظ الذي ذكره المصنف فهو من حديث أبي سعيد الخدري وأبي هريرة ﵄.
أخرجه البخاري رقم (٢٢٠١)، ومسلم رقم (١٥٩٢).
(^١) الأصل و(م): "يبتاع"، والمثبت من "الإبطال".
(^٢) انظر: "مصنف عبد الرزاق": (٨/ ١٢٩).
(^٣) الأصل و(م): "الأسباب" والتصويب من "الإبطال".
(^٤) (ص/ ٢٧).
1 / 66