إن الكلام لفي الفؤاد وإنما
جعل اللسان على الفؤاد دليلا
أو عنى الدرجة الأولى من درجات الكلام وهي التفكير؟
خطرات عنت فأثبتها، ليزيد فيها من يشاء ممن يعنون بمباحث اللغة أو علم النفس.
الثلاثاء 21 ذي الحجة/3 أكتوبر
الجرائد والكتب وأصحابها
تبعة الكاتبين للناس عظيمة، أجرهم إن أحسنوا القيادة وفير، وإثمهم إن حادوا عن الجادة كبير. وكلما علا الكاتب مقاما، وذاع صيتا زادت تبعته، وعظم ثوابه أو كبرت جريرته.
وفي عصرنا مؤلفون يخرجون للناس كتبا، وكتابا تنتشر مقالاتهم في الصحف السيارة، ولما يكتبون أثر في القراء بليغ، وتوجيه للناس إلى الخير أو الشر خطير .
وللكتب ناشرون يطلبون المال من نشرها، وللصحف أصحاب يبتغون المال والجاه بما يكتب فيها. فإذا اجتمع المؤلفون والناشرون، واتفق الكتاب والصحفيون على قدر التبعة التي ألزموها وإعظام الأمانة التي حملوها، فقصدوا الحق والإصلاح والتعليم، وجعلوا هذه أول المقاصد، ثم قصدوا المال من ورائها ليعيشوا به ويفرغوا لها، صلحوا وأصلحوا، وبارك الله قولهم وعملهم في الأمم. ولكن من المؤلفين والناشرين والكتاب والصحفيين من يجعلون من المال والصيت همهم الأول، فيقصدون قصدهما، ويتوسلون بكل الوسائل إليها، فيرون كثرة المال بكثرة القراء، وكثرة القراء على قدر ما تلذهم القراءة، وتستهويهم المطالعة، فترى العلماء والأدباء، أو من يحملون هذه الأسماء، يسايرون الجمهور وينزلون إليه ويتملقونه لتدر لهم الأموال وتذيع السمعة، فينقلب المتبوع تابعا والإمام مأموما، والقدوة مقتديا. وترى القراء يوجهون الكاتب، ويسيرونه على الطريقة التي هي أقرب إلى متعتهم، وأدنى إلى هواهم، وإن أصاب العقول والأخلاق الفساد، وهام القراء في كل واد. انظر تجد صدق الدعوى واستقامة الحجة.
فليتق الله قوم أوتوا نصيبا من المعرفة والبلاغة، لا يسخروهما للمال ويتبعوا بهما الجهال على كل حال.
صفحه نامشخص