امكانهما دليل على أنهما مختاران لا مضطران). (٩١)
وفي تعليقه على البيتين إشعار بأن هذا الاستعمال خارج عن الشذوذ إلى الندرة.
وهو وأيضًا يقودنا إلى معرفة مذهبه في "الضرورة"، فهي عنده - كما يبدو- مالا مندوحة للشاعر عن النطق به. (٩٢) ويجلي هذا المعنى أكثر تعقيبه، وهو يحتج لاقتران خبر "كاد" بـ "أن" على قول الشاعر:
أبيتم قبول السلم منا فكدتم
لدى الحرب أنْ تغنوا السيوف عن السلِّ
يقول (وهذا الاستعمال مع كونه في شعر ليس بضرورة، لتمكن مستعمله من أن يقول:
أبيتم قبول السلم منا فكدتم
لدى الحرب تغنون السيوف عن السلّ) (٩٣)
ولا أريد مناقشة رأيه هذا، فلذلك موضع آخر، ولكني أرى أنه يبتعد عن الحكم على النصوص بالضرورة ما وجد إلى ذلك سبيلا. ولذلك لم يصرح بها إِلا في ثلاثة مواضع اشتملت على خمسة ابيات. (٩٤) وهي إذا قيست بوفرة النصوص قليلة جدًا.
وهذا يدل على أنه يتجنب التعميم في الأحكام، ويلتزم غالبًا الدقة في صوغها، مع الاحترازات المتكررة. فهو يكثر في نعت الشواهد من لفظ (الغريب والنادر والقليل والضعيف والأكثر والأفصح والفصيح والأشهر ...)، ولكل من هذه الألفاظ قيمته ودلالته على الحكم الذي ورد فيه.
ومن الأمثلة التي تؤيد هذا الزعم:
- قوله (وفي "فما جعل يشير" غرابة؛ لأن أفعال الشروع إن صحبها نفي كان مع
_________
(٩١) شواهد التوضيح: الورقة ٢٤ و- ٢٤ ظ.
(٩٢) تسهيل الفوائد، لابن مالك ص ٤٨) (من مقدمة المحقق).
(٩٣) شواهد التوضيح: الورقة ١٦ و.
(٩٤) ينظر الورقات "٥ و" و"٢٥ و" و"٢٦ و".
1 / 32