308

شرح تنقیح الفصول

شرح تنقيح الفصول

ویرایشگر

طه عبد الرؤوف سعد

ناشر

شركة الطباعة الفنية المتحدة

ویراست

الأولى

سال انتشار

۱۳۹۳ ه.ق

ژانرها

اصول فقه
يبين من بعد بأنه ألف سنة إلاّ خمسين عامًا، وإن كان خبرًا عن مستقبل كان وعدًا ووعيدًا فهو كقوله لأعاقبن الزاني ابدًا فيجوز أن يبين أنه أراد ألف سنة، وإن كان عن حكم الفعل في
المستقبل فإن الخبر كالأمر في تناوله الأوقات (١) المستقبلة فيجوز أن يراد بعضها.
احتجوا بأن نسخ الخبر يوهم الخلف.
قال: وجوابه أن نسخ الأمر أيضًا يوهم البداء، قلت أسماء الأعداد نصوص لا يجوز فيها المجاز وأراد المتكلم بالألف ألفًا إلاّ خمسين عامًا مجاز فلا يجوز، وأما إطلاق الأبد على ألف سنة فهو تخصيص في الخبر وهو مجمع عليه، إنّما النزاع في النسخ فأين أحدهما من الآخر؟! وقد تقدمت الفروق بينهما.
وأما قولهم يوهم الخلف: ذلك مدفوع بالبراهين الدالة على استحالة الخلف على الله تعالى والبداء عليهن والبداء هو إحدى الطرق التي استدلت بها اليهود على استحالة النسخ، ومعناه أمر بشيء ثم بدا له أن المصلحة في خلافه، وذلك إنّما يتأتى في حق من تخفى عليه الخفيات، والله تعالى منزه عن ذلك.
وجوابهم: أن الله تعالى عالم بأن الفعل الفلاني مصلحة في وقت كذا مفسدة في وقت كذا، وأنه نسخه إذا وصل وقت المفسدة، فالكل معلوم في الأزل، وما تجدد العلم بشيء، فما لزم من النسخ البداء فيجوز.
ويجوز نسخ ما قال فيه افعلوه أبدًا خلافًا لقوم؛ لأن صيغة أبدًا بمنزلة العموم في الأزمان، والعموم قابل للتخصيص والنسخ.
احتجوا بأن صيغة (أبدًا) لو جاز أن لا يراد بها الدوام لم يبق لنا طريق إلى الجزم بخلود أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار، لأن ذلك كله مستفاد من قوله تعالى: «خالدين فيها أبدًا» (٢) .
والجواب: أن الجزم إنّما حصل في الخلود ليس بمجرد لفظ (أبدًا) بل بتكرره تكررًا أفاد القطع بسياقاته وقرائنه على ذلك، أما مجرد لفظة واحد من أبدًا فلا يوجب الجزم، والكلام في هذه المسألة إنّما هو في مثل هذا.

(١) في الأصول: في تناول الأوقات.
(٢) لأهل الجنة: ١٢٢ النساء. ولأهل النار: ١٦٩ النساء.

1 / 310