شرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح في أصول الفقه

Sa'd al-Din al-Taftazani d. 792 AH
233

شرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح في أصول الفقه

شرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح في أصول الفقه

ژانرها

1 رواه البخاري في كتاب الجهاد باب 44، أبو داود في كتاب الجهاد باب 033 آخر، فينظر إن كان الخفاء لمزية يثبت فيه الحكم، ولنقصان لا، والمشكل إما لغموض في المعنى نحو {وإن كنتم جنبا فاطهروا} فإن غسل ظاهر البدن واجب وغسل باطنه ساقط فوقع الإشكال في الفم فإنه باطن من وجه حتى لا يفسد الصوم بابتلاع الريق

"والكل يوجب الحكم إلا أنه يظهر التفاوت عند التعارض، وإذا خفي فإن خفي لعارض يسمى خفيا، وإن خفي لنفسه فإن أدرك عقلا فمشكل أو بل نقلا فمجمل أو لا أصلا فمتشابه، فالخفي كآية السرقة خفيت في حق النباش والطرار لاختصاصهما باسم آخر، فينظر إن كان الخفاء لمزية يثبت فيه الحكم، ولنقصان لا، والمشكل إما لغموض في المعنى نحو: {وإن كنتم جنبا فاطهروا} [المائدة:6] فإن غسل ظاهر البدن واجب وغسل باطنه ساقط فوقع الإشكال في الفم فإنه باطن من وجه حتى لا يفسد الصوم بابتلاع الريق وظاهر من وجه حتى لا يفسد بدخول شيء

...................................................................... ..........................

نفسه مما لا يحتمل التبديل أو لم يشترط شيء من الأمرين على التعيين بل أريد عدم احتمال النسخ باعتبار لفظ يدل عليه أو باعتبار محل الكلام فقوله تعالى: {فسجد الملائكة كلهم أجمعون} [الحجر:30]، أيضا محكم؛ لأن أخبار الله تعالى لا تحتمل النسخ لتعاليه عن الكذب والغلط، ومبنى هذا الاعتراض على تباين الأقسام الأربعة، واشتراط احتمال النسخ في المفسر، وقد يجاب بأن المفسر هو قوله تعالى: {الملائكة كلهم أجمعون} [الحجر:30] من غير نظر إلى قوله فسجدوا إلا فالأقسام الأربعة متحققة في هذه الآية فإن الملائكة جمع ظاهر في العموم، وبقوله كلهم ازداد وضوحا فصار نصا، وبقوله أجمعون انقطع احتمال التخصيص فصار مفسرا، وقوله: فسجد إخبار لا يحتمل النسخ فيكون محكما وفيه نظر؛ لأن نسخ المعنى لا يتصور إلا في كلام دال على حكم للقطع بأنه لا معنى لنسخ معنى اللفظ المفرد فإذا اعتبر في المفسر احتمال النسخ فلا بد من أن يكون كلاما مفيدا لحكم، واعترض أيضا بأن قوله تعالى: {فسجد الملائكة كلهم أجمعون} [الحجر:30] لا يصلح مثالا للمفسر؛ لأنه قد استثنى إبليس فيكون محتملا للتخصيص، وأجيب بأن الاستثناء منقطع؛ لأن إبليس من الجن، ورد بأن الأصل في الاستثناء الاتصال، وعد إبليس من الملائكة على سبيل التغليب، وهو باب واسع في العربية، ولهذا يتناوله الأمر في قوله تعالى: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم} [البقرة:34] بل الجواب ما مر أن الاستثناء ليس بتخصيص فإن قيل: إن قوله تعالى: {وقاتلوا المشركين كافة}، أيضا لا يحتمل النسخ لانقطاع الوحي فلا يكون مفسرا قلنا: المراد الاحتمال في زمن الوحي، وأما بعده فلا شيء من القرآن بمحتمل للنسخ ومثله يسمى محكما لغيره ليشمل الظاهر، والنص، والمفسر، والمحكم.

قوله: "والكل" أي الظاهر، والنص، والمفسر، والمحكم يوجب الحكم، أي يثبته قطعا، ويقينا، وعند البعض حكم الظاهر والنص وجوب العمل واعتقاد حقية المراد لا ثبوت الحكم قطعا ويقينا؛ لأن الاحتمال، وإن كان بعيدا قاطع لليقين، ورد بأنه لا عبرة باحتمال لم ينشأ عن الدليل، والحق أن كلا منهما قد يفيد القطع وهو الأصل، وقد يفيد الظن وهو ما إذا كان احتمال غير المراد مما يعضده دليل.

صفحه ۲۳۵