شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة

منصور عبدالله d. 614 AH
150

شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة

شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة

ژانرها

علوم قرآن

(معجز): والمعجز هو الذي يعجز الخلق عن الإتيان بمثله، وقد تقدم الكلام فيه، وهو يريد به ها هنا القرآن الكريم، وهو أجلى معجزات الأنبياء -عليهم السلام-، وإن كان فيها ما هو أبهر كخروج الناقة من حجر، وقلب العصا حية، وفلق البحر، ونتق الجبل، إلى غير ذلك.

وإنما قلنا هو أجلى: لأن معجزات الأنبياء -عليهم السلام- لم تدم، وكانت تحدث في الحين بعد الحين، ثم لا تعود لهم للزوم الفرض لهم بالتقدم، وهذا القرآن الكريم باق ما بقي الدهر لا يزداد على كثرة الترداد إلا جدة، ملازم لأوقات التكليف، وتراجمته من العترة الطاهرة -عليهم السلام-، قد عرض للمسرفين([38]) والهذرة المتمردين، وفتاك المدققين من طبقات الملحدين، فكل من يعرض به لزمه فرضه وعلم خروجه عن مقدور المحدثين، وكان في مرامه له بمنزلة من رام مسح وجه الهلال بيمينه والبعد حائل من دونه([39]).

وقد ظهر عجز الجميع عن المعارضة، لأنهم لو قدروا لوجدت وظهرت ظهور سائر المعارضات، ونحن لا نريد بالمعجز غير ذلك كما قدمنا.

وإعجازه للخلق موجب لكونه من فعل القادر لذاته، وظهوره على يديه دليل على صدقه فيما قال وادعى، وادعاؤه للنبوءة يعلم ضرورة على حد العلم بأنه -عليه السلام- كان في الدنيا وصحت نبوءته لذلك؛ لأن الله -تعالى- لعدله وحكمته لا يصدق الكاذب في دعواه؛ لأن تصديقه قبيح، وهو متعالي عن فعل القبيح.

قوله: (يعجز عنه كل ذي مقال): أكد به ما تقدم، وإلا فقوله: (معجز) يتضمن معنى ذلك.

صفحه ۱۸۸