بِشَيْء إِذْ لَا دخل لصفات المخبرين فِي بَاب التَّوَاتُر، وَالْمقَام مستغن عَن هَذَا كُله انْتهى. وَهُوَ ظَاهر قَوْلهم من أَن الْمُتَوَاتر لَا يبْحَث فِيهِ عَن رِجَاله، لَكِن التَّحْقِيق أَن الإحالة العادية قد تكون من حيثية الْكَثْرَة / من غير مُلَاحظَة الوصفية، وَقد تكون بانضمامها كَمَا إِذا رَوَى عَن الْعشْرَة المبشرة مثلا عشرُون من التَّابِعين، فَإِنَّهُ لَا شكّ أَن الْعَادة تُحيل اتِّفَاق الْأَوَّلين على الْكَذِب، وَلَا تحيل اتِّفَاق الْعشْرَة من التَّابِعين عَلَيْهِ، وَلَو كَانُوا عُدُولًا، وَكَذَا إِذا نقل عشرُون من الْمُفْتِينَ والمدرسين مَسْأَلَة يحصل الْعلم بهم مَا لَا يحصل بِمَا ينْقل عشرُون من الطّلبَة [١٨ - ب] أَو خَمْسُونَ من غَيرهم.
فالمدار الْأَصْلِيّ فِي بَاب التَّوَاتُر على الإحالة والإفادة دون اعْتِبَار الْعدَد وَالْعَدَالَة. نعم، قد ينضاف إِلَى الْعدَد وصف يقوم بِهِ الإحالة، فَتحصل بِهِ الإفادة، فَالْحَاصِل: عدم اشْتِرَاط معرفَة الرِّجَال عِنْد حُصُول الْإِكْثَار، لَا اشْتِرَاط عدم اعتبارهم فِي الْأَخْبَار ﴿فاعتبروا يَا أولي الْأَبْصَار﴾
وَرَابِعهَا: (وَكَانَ) أَتَى بِالْوَاو هُنَا مَعَ أَنه ذَكَر مَا سبق بطرِيق التعداد إِشَارَة إِلَى أَن مَا ذكر هُوَ فِي قُوَّة الْعَطف.
(مستندُ انتهائهم الحسّ) أَي من مُشَاهدَة أَو سَماع، لِأَن مَا لَا يكون كَذَلِك يحْتَمل دُخُول الْغَلَط فِيهِ. كَمَا اتّفق أَن سَائِلًا سَأَلَ مولى أبي عَوَانة بمِنَىً، فَلم يُعْطه شَيْئا فَلَمَّا وَلى لحقه أَبُو عَوَانة، فَأعْطَاهُ دِينَارا، فَقَالَ لَهُ السَّائِل: واللهِ
1 / 172