شرح نهج البلاغة

Ibn Abi'l-Hadid d. 656 AH
153

شرح نهج البلاغة

شرح نهج البلاغة

پژوهشگر

محمد عبد الكريم النمري

ناشر

دار الكتب العلمية

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

۱۴۱۸ ه.ق

محل انتشار

بيروت

وفي كثير من النسخ : إلى الله أشكو ، فمن روى ذلك وقف على المواريث ، ومن روى الرواية الأولى وقف على قوله : إلى الله ، ويكون قوله : من معشر ؛ من تمام صفات ذلك الحاكم ، أي هو من معشر صفتهم كذا .

وأبور أفعل من البور : الفاسد ، بار الشيء ، أي فسد ، وبارت السلعة ؛ أي كسدت ولم تنفق ، وهو المراد ههنا ، وأصله الفساد أيضا .

إن قيل : بينوا الفرق بين الرجلين اللذين أحدهما وكله الله إلى نفسه ، والآخر رجل قمش جهلا ، فإنهما في الظاهر واحد .

قيل : أما الرجل الأول ، فهو الضال في أصول العقائد ، كالمشبه والمجبر ونحوهما ، ألا تراه كيف قال : مشغوف بكلام بدعة ، ودعاء ضلالة ، وهذا يشعر بما قلناه ؛ من أن مراده به المتكلم في أصول الدين ، وهو ضال عن الحق ، ولهذا قال : إنه فتنة لمن افتتن به ضال عن هدى من قبله ، مضل لمن يجيء بعده . وأما الرجل الثاني فهو المتفقه في فروع الشرعيات ، وليس بأهل لذلك ، كفقهاء السوء ألا تراه كيف يقول : جلس بين الناس قاضيا .

وقال أيضا : تصرخ من جور قضائه الدماء ، وتعج منه المورايث .

فإن قيل : ما معنى قوله في الرجل الأول : رهن بخطيئته ؟ قيل : لأنه إن كان ضالا في دعوته مضلا لمن اتبعه ، فقد حمل خطاياه ، وخطايا غيره ، فهو رهن بالخطيئتين معا ، وهذا مثل قوله تعالى : ' وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم ' .

إن قيل : ما معنى قوله : عم بما في عقد الهدنة ؟ قيل : الهدنة أصلها في اللغة السكون ، يقال : هدن إذا سكن ، ومعنى الكلام أنه لا يعرف ما في الفتنة من الشر ، ولا ما في السكون والمصالحة من الخير .

ويروى : بما في غيب الهدنة ، أي في طيها وفي ضمنها . ويروى : غار في أغباش الفتنة ، أي غافل ذو غرة .

وروي : من جمع ، بالتنوين فتكون ما على هذا اسما موصولا ، وهي صلتها في وضع جر لأنها صفة جمع ، ومن لم يرو التنوين في جمع حذف الموصوف ، تقديره : من جمع شيء ما قل منه خير مما كثر ، فتكون ما مصدرية ، وتقدير الكلام : قلته خير من كثرته ، ويكون موضع ذلك جرا أيضا بالصفة .

ومن كلام له في ذم اختلاف العلماء في الفتيا

صفحه ۱۷۳