شرح نهج البلاغة

Ibn Abi'l-Hadid d. 656 AH
152

شرح نهج البلاغة

شرح نهج البلاغة

پژوهشگر

محمد عبد الكريم النمري

ناشر

دار الكتب العلمية

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

۱۴۱۸ ه.ق

محل انتشار

بيروت

وأغباش الفتنة : ظلمها ، الواحد غبش ، وأغباش الليل : بقايا ظلمته ، ومنه الحديث في صلاة الصبح : ' والنساء متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغبش ' والماء الآجن : الفاسد . وأكثر ، كقولك : استكثروا ، ويروى : اكتنز ، أي اتخذ العلم كنزا .

والتخليص : التبيين ، وهو والتلخيص متقاربان ، ولعلهما شيء واحد من المقلوب .

والمبهمات : المشكلات ؛ وإنما قيل لها مبهمة ، لأنها أبهمت عن البيان ، كأنها أصمتت فلم يجعل عليها دليل ولا إليها سبيل ، أو جعل عليها دليل وإليها سبيل ؛ إلا أنه متعسر مستصعب ؛ ولهذا قيل لما لا ينطق من الحيوان : بهيمة ، وقيل للمصمت اللون الذي لا شية فيه : بهيم .

وقوله : حشوا رثا ، كلام مخرجه الذم ، والرث : الخلق ، ضد الجديد .

وقوله : حشوا ، يعني كثيرا لا فائدة فيه . وعاش : خابط في ظلام وقوله : لم يعض ، يريد أنه لم يتقن ولم يحكم الأمور ، فيكون بمنزلة من يعض بالناجذ ، وهو آخر الأضراس وإنما يطلع إذا استحكمت شبيبة الإنسان واشتدت مرته - ولذلك يدعوه العوام ضرس الحلم ، كأن الحلم يأتي مع طلوعه ، ويذهب نزق الصبا ، ويقولون : رجل منجذ ، أي مجرب محكم ، كأنه قد عض على ناجذه وكمل عقله . وقوله : يذري الروايات ، هكذا أكثر النسخ ، وأكثر الروايات يذري من أذرى رباعيا ، وقد أوضحه قوله : إذراء الريح ، يقال : طعنه فأذراه ، أي ألقاه ، وأذريت الحب للزرع ، أي ألقيته ، فكأنه يقول : يلقي الروايات كما يلقي الإنسان الشيء على الأرض ؛ والأجود والأصح الرواية الأخرى : يذرو الروايات ذرو الريح الهشيم ، وهكذا ذكر ابن قتيبة في غريب الحديث ، لما ذكر هذه الخطبة عن أمير المؤمنين عليه السلام ، قال تعالى : ' فأصبح هشيما تذروه الرياح ' ، والهشيم : ما يبس من النبت وتفتت .

قوله : لا ملئ أي لا قيم به ، وفلان غني ملئ ، أي ثقة بين الملأ والملاء ، بالمد ، وفي كتاب ابن قتيبة تتمة هذا الكلام : ولا أهل لما قرظ به ، قال : أي ليس بمستحق للمدح الذي مدح به ، والذي رواه ابن قتيبة من تمام كلام أمير المؤمنين عليه السلام هو الصحيح الجيد ، لأنه يستقبح في العربية أن تقول : لا زيد قائم ، حتى تقول : ولا عمرو ، أو تقول : ولا قاعد ؛ فقوله عليه السلام : لا ملئ ، أي لا هو ملئ ، وهذا يستدعي لا ثانية ، ولا يحسن الاقتصار على الأولى .

وقوله عليه السلام : اكتتم به ، أي كتمه وستره . وقوله : تصرخ منه وتعج . والعج : رفع الصوت - وهذا من باب الاستعارة .

صفحه ۱۷۲