============================================================
الثالث: أن يتخلق بالخلق المحمود الذي يدل عليه الشرع والعقل؛ فأما ما يدل عليه الشرع فالورع عن المحرمات وامتثال جميع المأمورات، وأما ما يدل عليه العقل فهو ما يثمره العلم بأصول الدين، وهو أنه إذا علم حدوث العالم بأسره لم يتعلق قليه بشيء منه خوفا منه ولا طمعا لعلمه أنه في قبضة الله قلال، وإذا علم الوحدانية أخلص لله تعالى في سائر أعماله؛ إذ الربوبية لا تحتمل الشركة في شيء، وإذا علم أن القدر سابق بكل ما هو كائن لم يخف فؤت شيء مما قذر ولم يرخ نئل شيء مما لم يقدر، وهذا هو المعبر عنه بالرضا بالقدر، وخرج من ذلك الرفق بالخلق والصفح عنهم عند إذايتهم له لعلمه أنهم لا يستطيعون لأنفسهم - فضلأ عن غيرهم - دفع ضر ولا جلب نفع والرابع: أن يلازمه الخوف أبدا سرمدا، ولا يجد لطمأنينة النفس سبيلا؛ فإنه لا يحيط علما بأنه من فريق السعادة في الأزل أو من فريق الشقاوة، ثم ينظر إلى أسباب الشقاوة وأماراتها فيجدها منحصرة في المخالفات فهو يخاف الوقوع فيها ويجتنبها وهذا هو المعبر عنه بالورع، وما حصل له من الموافقة فهو يخاف زوالها بأضدادها حتى يخاف أن يبدل علمه وفهمه إلى الشك والجهل، وكذا يخاف أن يطالبه رئه بالقيام بشكره فيما أنعم عليه فلا طيق ذلك، وكذا يخاف آن تخدعه نفسه فيحصل في عمله ما يفسده ويحبطه من الرياء والسمعة والعجب، وكذا يخاف من توجه حقوق عليه للآدميين فتنقل أعماله إلى صحائفهم، وهذه أحوالهم وتفاوتهم على حسب الحضور في أبواب القربات وأعمال الخيرات، والله يرزق من يشاء بغير حساب(1) وقد حضل الامام السنوسي بفضل الله تعالى هذه الشروط وظهرت عليه علامات الولاية، وقد قال تلميذه الملالي: "ولا خفاء أن الشيخ ظلبه قد خصه البارى سبحانه بهذه الشروط الأربعة، وزاد عليها زيادة لا يمكن وصفها، ومنحه سبحانه معارف ربانية، وعلوما لدنية، وأنوارا إلهية، حتى امتلأت عروقه ومفاصله من آنوار الله المخزونة، فهو بنجوم العلم وقمر (1) شرح العقيدة الوسطى.
صفحه ۳۷