شوخ الفقدمات للامام الي عبد الله محمد بن يوسف الستوسي الحسني تحقيق نزار حمادي تقديه الأستاذ سعيد عيد اللطيف فودة مكتبة البعارف الما
صفحه ۱
============================================================
لطقدمات
صفحه ۲
============================================================
كل الحقوق محفوظة للناشر العة ايولى
صفحه ۳
============================================================
01125 مذ بسلم الالرهه رالرسير
صفحه ۴
============================================================
مقدمة الأستاذ سعيد عبد اللصليف فودة بسو الله الرحن التحيو الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي تفضل علينا بنعمة الايمان، وأخرجنا بفضله ولطفه من ظلمات الجهل إلى نور الايمان، الحمد لله الذي أرسل إلينا بمته وكرمه الأنبياء والرسل ليوصلوا إلينا هدايته التي يترتب على التزامها الفوز بالجنان، والتمتع بالنعيم الباقي وتجنب الكفر وآلام العذاب السرمدي. الحمد لله الذي اختصنا بخير رسله سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، وجعله لنا قائدا ومرشدا ومعلما وهاديا ونسأله جل شأنه أن يحفظنا في حياتنا على ما يرضيه، وأن يختم أعمالنا على خير الأعمال، وأن يفيض علينا من منه وكرمه في آخرتنا ويجنبنا سوء الأحوال في دنيانا. والله الهادي وهو الموفق إلى كل خير.
اما بعد، فإن خير ما يحتفل به المرء في حياته العمل على تحصيل الايمان وتثبيته في الجنان، وإن أوكد العلوم في حق المكلفين هو علم التوحيد والايمان، إذ به تدرك المعارف الإلهية الأساسية وتتحلى الروح بها لتكون أهلا لدخول الجنان. ولو اقتصر المرء طول عمره من الأعمال على الواجبات، واشتغل فيما سوى ذلك بتحصيل الايمان والتحقق به لكفاه ذلك وجعله في أحسن حال، وترتب عليه الرضا من الملك الديان، ولفاز فوزا عظيما، وأي فوز يعلو على الفوز بالدار الآخرة؟! اللهم اجعلنا من أهلها.
وقد اعتنى علماء أهل السنة أشد عناية بتحقيق علوم الايمان، وبتوضيح معالم العقائد بالكتب العديدة والتأليفات المنيفة الشريفة، ولم يزالوا في كل ا-
صفحه ۵
============================================================
زمان يعتنون بذلك ويحضون أهل زمانهم على الحرص على إتقان علم التوحيد، والعمل بمقتضاه الظاهر والباطن ومن هؤلاء العلماء الذين عم النفع بتأليفاتهم بين أهل السنة الإمام السنوسي رحمه الله تعالى وأعلى من شأنه في الآخرة، فقد انتفعت الناس بكتب هذا الحبر الإمام، وإنك لترى من تأليفاته ما تعجب له وتعجب به، فإنه اودع فيها من دقائق علم التوحيد ودلائله ما لا تجده بذلك الأسلوب الجميل والتحقيق البديع المتميز في كتب غيره، وقد أحاط بأطراف مسائل هذا العلم الشريف، ثم إنه بذل وسعه لتقريب مباحثه لطلاب العلم، وكتبه نافعة مجربة كما يقول العلماء، ونحن قد جريناها وغيرنا قد فعل ذلك، وكانت كتبه رحمه الله تعالى فاتحة خير لطلاب هذا العلم الشريف، وكم من الناس الذين انتفعوا بما ألفه هذا الإمام وإنك لا تعدم أن تجد في كتبه الصغيرة والطويلة فوائد عزيزة لا تنالها في غيرها، فيفرح بها العارف، ويهش لها ويبش، وإن العالم وطالب العلم غير غني عن مراجعة كتبه المختصرة والمطولة، ففي كل منها خير وفائدة، ولا نقول ذلك لمجرد الترغيب بقراءة كتبه، بل إننا نخبر عما وجدناه بأنفسنا، ومن نظر فيها عرف ما عرفتاه، وصدق بما قلتاه.
ولعظيم شأن الإمام السنوسي بما حرره من علم التوحيد فإنك ترى المتأخرين من العلماء الذين جاؤوا بعده في الزمان قد اعتمد معظمهم على كتبه، فاشتغلوا بها شرحا وتدريسا، واكثروا من التعليق عليها لنشر فوائدها، وإباحة عطر رائحتها للناس أجمعين، ولذلك فإن المرء ليتعجب من كثرة التأليفات التي حبرها كبار المحققين والعارفين على كتب هذا الإمام، ولكن عجبه يزول ودهشته تضمحل عندما يمارس فهم كتبه فيعرف مقدار ما فيها من دقائق وحقائق، فيدرك عندئذ أن العلماء ما عظموه فوق قدره، وما رفعوه فوق رفعته، وما شهدوا له إلا ببعض ما آشهد عليه.
وإننا ما زلنا نحض الناس على قراءة كتب الإمام السنوسي والاهتمام بها مذ سنوات عديدة، ونحث همم الطلاب والباحثين على التنقيب عما أودعه فيها، ونشر مآثرها بين الناس، وذلك لما نعلمه من عظيم فائدتها ومقدار عائدتها.
صفحه ۶
============================================================
وللامام السنوسي كتب عديدة، فمنها المقدمات التي نقدم لها، وصغرى الصغرى، والصغرى (أم البراهين)، والوسطى، والكبرى وشرح الجزائرية، ومن قرأ هذه الكتب ووعاها اكتفى باذن الله تعالى في علم التوحيد وتمكن من الأدلة وعرف مواطن الخلاف والوفاق في كثير من المسائل، وتكونت عنده ملكة ومعلومات عديدة يستطيع بها أن يكون ناقدا ممتازا.
أما المقدمات وشرحها، فإن هذا الكتاب على صغر حجمه احتوى على درر، وفوائد في غاية اللطف والنفاسة، ولا يخلو واحد من كتب السنوسي من ذلك، وقد ألفه الإمام السنوسي ليكون ممهدا ومدخلأ لدراسة كتبه الأخرى وباقي كتب أصول الدين، وأودع فيه إضافة إلى ذلك بعض البحوث اللطيفة، كما في بحثه في تعلقات القدرة، وخلافات الأئمة في ذلك وتوجيهها، وفي التقليد وأسبابه النفسية حيث أبدع في ذكر بعض أسباب الانحراف بعد الهدى عند بعض من تجتاله الشياطين، شياطين الهوى، وما أحسن ما ذكره في مسألة التكفير ودرجات الكافرين، وبيان أقوال العلماء متقدميهم ومتأخريهم في تكفير المبتدعة، وإشارته إلى اختيار عدم التكفير للمخالف في دقيق المسائل النظرية.
والامام السنوسي دقيق الملاحظة، فلما نقل عن بعض العلماء أن الإمام الغزالي قد اقترب إلى قول الجاحظ وغيره في القول بنجاة المجتهد مطلقا أصاب أو أخطأ، بين أن حقيقة قول الغزالي ليس كذلك وأن كلامه يدور على معنى آخر، وناقش هذه النسبة له، وكذلك فعل لما أشار إلى نقل الإمام السعد عن الجويني والباقلاني وغيرهما أقوالا ظاهرها خلاف قول أهل الحق في مسألة تأثيرة القدرة الحادثة.
والحقيقة أن الكتاب مختصر لطيف منيف في مجموعة من آهم مسائل علم التوحيد يصح أن يبتدي طالب العلم بدراسته والتمكن من مباحثه، وسوف يكون ذلك له مفتاحا لغيره من بيوت العلم التي شادها الإمام السوسي وقد اشتمل هذا الكتاب الشريف على مباحث مفيدة لطلية العلوم الشرعية، فذكر فيه الإمام السنوسي أنواع الأحكام وأقسامها، من الأحكام
صفحه ۷
============================================================
الشرعية والعادية والعقلية، ولا يخفى على أحد من الدارسين للعلوم مدى أهمية إدراك تلك التقسيمات للأحكام وتعريف كل واحد منها، وإدراك الفرق بين الواجب والمحال والجائز.
ثم عقب ببيان مذاهب الناس في الأفعال، وهي مسألة مهمة من مسائل أصول الدين، وذكر الفرق بين مذهب أهل السنة وغيرهم ممن خالفهم، وذكر فيها القول بأن الإنسان مجبور باطنا مختار ظاهرا، ولا يخفى على القاري ما يحتاج إليه هذا القول من الشرح والبيان.
ثم بين اله أنواع الشرك ومراتب الأحكام فيها ودرجات الانحراف وأسبابها التي تؤدي إليها، وهذا المبحث مبحث عال لا يجده طالب العلم في أغلب الكتب، فليحرص قاري هذا الكتاب على فهمه ودركه باتقان. وقد أودع في أثناء شرحه لهذا المبحث أصولا شريفة ودقائق لطيفة في علم التوحيد.
ثم ذكر أسباب الكفر وما يفضي إليه، وهو مبحث يحتوي على درر العلوم والفوائد، وبين كيف ينشأ الكفر أو الابتداع ومخالفة الشرع الشريف عن كل سبب من هذه الأسباب، ومنها مخالفة الحكم العقلي وعدم فهم الحكم العادي فهما دقيقا. وبين المراد بالظواهر الشرعية، وكيف أن الشرع لا يدل بذاته على المعاني الباطلة، ولكن الإنسان يتوهم بفهمه الفاسد أن هذه المعاني الظاهرة هي مقصود الشارع. وبين فائدة العلم باللغة العربية والتمكن منها ومدى توقف الفهم الصحيح للشريعة عليها، وما يترتب على إتقانها من تجنب للوقوع في إشكالات عظيمة.
م بين أقسام الموجودات بالنسبة للمحل والمخصص، وهو مبحث معين لطالب العلم على فهم قواعد مهمة تساعده بلا شك على فهم أصول علم التوحيد والمباني التي يبنى عليها ثم ختم الكتاب بذكر تعريفات مفيدة لبعض أهم الأصول المذكورة في علم التوحيد، كتعريفات الصفات الالهية والمصطلحات المستعملة في باب النبوات.
والامام السنوسي رحمه الله لم يبخل على القاري بذكر العديد من الفوائد
صفحه ۸
============================================================
اللطيفة في أثناء شرحه المنيف على هذا المتن الشريف، فليحرص طالب العلم والباحث الجاد على اقتناص درره.
وندعو الله تعالى آن ينفع بهذا الكتاب ويجزي مؤلفه عنا خير الجزاء، ونتأمل أن يزداد اهتمام طلاب العلم بدراسة علم أصول الدين ومسائله ومباحثه، فإن هذا العلم هو العلم الأهم في الدين الحنيف، وخاصة في هذا الزمان، بل في كل زمان. وليحرص على تعلم هذا العلم من مصادره الموثوقة، سواء كان معلما مباشرا فليحرص على أن يكون من الملتزمين بمنهج أهل السنة والعارفين به، عالما حافظا للمسائل، غير منحرف إلى هواه، أو كتابا فليحرص على البحث عن كتب أهل السنة التي اعتنت بتقريب هذا العلم إلى جمهور المكلفين ببسط القواعد وبيانها، وعن نسخها المصححة المدققة ليجتنب الخطأ في الفهم نتيجة الغلط في الكتابة أو الطباعة أو النسخ، فكل كلمة في علم التوحيد لها وزنها وأهميتها.
وندعو الله تعالى أن يجزي الأستاذ نزار حمادي خير الجزاء على اهتمامه بالعناية بهذه الكتب وما حوته من العلوم والمعارف، وتقريبها لطلاب العلم بعد أن كانت خفية نادرة يشق على الواحد آن يجد نسخة منها.
والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل. والحمد لله رب العالمين) والصلاة والسلام على سيدنا محمد أفضل الأتبياء والمرسلين: وليس لنا إلى غير الله تعالى حاجة ولا مذهب سعيد فودة
صفحه ۹
============================================================
4
صفحه ۱۰
============================================================
راسالمز الحم رير الحمد لله الذي رفع شأن العلم والعلماء، واصطفى طائفة من عباده فجعلهم أهلا للاقتداء والاهتداء، وأثنى عليهم خيرا في كتابه المبين فقال تعالى: إنما يخشى الله من عباده العلكوا} [فاطر: 28]، وزادهم تكريما بأن رد علم بعض أحكامه الشرعية إلى اجتهادهم واستنباطهم، كما أشار إلى ذلك بقوله تعالى: ولو ردوه إلى الرسول وإلمك أولى الأمر منهم لعلمه الذين يستليطونه [النساء: 83]. نحمده سبحانه أن جعل الكمال الحقيقي للإنسان منوطا بالتحلي بالعلوم النافعة والعمل على وفقها في جميع الحالات، فقال جل من قائل: يرفع الله الذين ء امنوا منكم والذين أوتوا العلم درح [المجادلة: 11]، ونشكره خللة على نعم لا تحصى ولا تعذ أعظمها أنا به تعالى وبرسوله مؤمنون، وأن جعلنا من الفريق الأول من قوله تعالى: (قل هل يستوى ألذزين يعلمون وألذين لا يعلمون) [الزمر: 19 .
والصلاة والسلام على نبينا محمد سيد الأولين والآخرين، القائل في شريف حديثه: امن يرد الله به خيرا يفقه في الدين"، والذي زاد علماء أمته تشريفا فكاد يلحقهم بدرجة الأنبياء، فقال چلية "إن العلماء هم ورثة الأنبياء"، وعلى آله وأصحابه الهداة المهتدين، الذين كانوا أول حماة ونصرة للدين: وبعد؛ فقد تواتر القرآن العظيم والسنة النبوية المطهرة بفضل علماء الإسلام العاملين، وخرجت الأخبار بذلك عن الحصر وصارت فضيلتهم من المسلمات في الدين، فالعلماء هم الذين نابوا عن النبي يلة في حملهم العلم عنه وتبليغهم إياه لأمته، وارشادهم له وهدايتهم، وهم العالمون بمصالح أمته بعده، الذابون عن سنته، الحافظون لشريعته، وبذلك كانوا هم الأحق بالوراثة والأولى بالنيابة والخلافة، وقد وجد بفضل الله تعالى في كل قرن من قرون الاسلام علماء مجتهدون مجددون للدين، واخرون عدول حملوا تلك العلوم
صفحه ۱۱
============================================================
ونفوا عنها تحريف الغالين وانتحال المبطلين، فكانوا لقواعد الشريعة الإسلامية الخاتمة الحصن الحصين، ومن أولئك العلماء الربانيين الإمام السنوسي الذي نال إلى جانب شرف النسب شرف الدفاع عن قواعد وأصول الدين، حتى صارت مصنفاته منذ القرن التاسع للهجرة إلى يومنا هذا محط أنظار الفقهاء والمدرسين، والمرجع لطلبة العلوم الشرعية سيما علم أصول الدين، فقد كان من أجل المصنفين فيه وأنصحهم للأمة المحمدية، ولنصحه فقد ألف فيه تآليف عديدة ما بين وجيز ويسيط، وكبير ووسيط، ولم يقنع مع ذلك إلا بشرح مؤلفاته وتحليل تعقيد مصنفاته، ولم يكل ذلك إلى غيره ليغتنم أجر النصح ونشره، فألف العقيدة الكبرى وشرحها، وأتبعها بالوسطى ويسطها، وألف الصغرى وصغراها، فاخرج منها ماعها ومرعاها، وبالجبال الشامخة من البراهين القاطعة والأدلة الساطعة قواها، ثم شفع ذلك بالمقدمات، فحررها بالضوابط والمقالات، وأتبعها بشرح فصل ما جاء فيها من المجملات، فكان مدخلا نافعا لجميع المصنفات العقدية، لا غنى عنه لمن أراد الارتقاء بفهمه وإحكام قواعد الأصول الدينية. وها نحن بفضل الله تعالى وتوفيقه نحققه ونقدمه للباحثين وطلبة العلوم الشرعية، راجين منه تقلل أن يجعله خالصا لوجهه الكريم وأن يتقبله منا بجاه المصطفى خير البرية.
صفحه ۱۲
============================================================
القسم الأول ترجمة الإمام اى عبد الله محمد بن پوسف السنوس الحسني(1) (895 -832) جمة المواه القدرسية فيى الماقب السنرسية،) للشيخ (1) آبرز مصادر الترجمة الملالي (مخطوط رقم 22668 دار الحن: الان ر 248): وكفاية المحتاج للتنبكتي (2/
صفحه ۱۳
============================================================
~~ت ب
صفحه ۱۴
============================================================
باسالمزالحم ب مد يعتبر الإمام السنوسي - رحمه الله تعالى - إماما عالما علما من أئمة أهل السنة والجماعة، فقد كان متبحرا في العلوم الشرعية والعقلية المعتبرة في عصره، وبلغ من الورع والزهد الغاية القصوى. تلقى العلم على مشاهير علماء عصره، وتخرج به العديد من العلماء، يأتي إن شاء الله تعالى ذكر أبرزهم.
وقد ألف تلميذه الشيخ أبو عبد الله محمد بن عمر الملالي مجلدا في مشاقبه، وذكر فيه سيرته وما ظهر من كراماته في حياته وبعد مماته، سماه: "المواهب القدوسية في المناقب السنوسية"، ومنه اختصرنا هذه الترجمة، إذ كل النصوص الواردة في المصادر التي ترجمت للإمام السنوسي مقتبسة منه، ورتبناها على فصول: الفصل الأول: في اسمه ولقبه ومذ هيه وتسيه.
هو محمد بن ابي يعقوب يوسف بن عمر بن شعيب، آبو عبد الله، السنوسي الأصل، التلمساني المولد، المالكي المذهب، الأشعري المعتقد، والشريف الحسني النسب.
فالسوي نسبة لقبيلة بني سنوس بالمغرب، وبهذا اللقب قد غرف: والشريف الحسني: نسبة لسيدتا الحسن بن علي ا. فالشرف ثابت له بواجب الثبوت من قبل الأم. وإثبات الشرف من قبل الأم قال به جماعة من العلماء بأدلة معتبرة.
الفصل الثاني: في ولادته ومكاتها.
ذكر الملالي أن الإمام السنوسي كان له من العمر عند وفاته ثلاثة وستون
صفحه ۱۵
============================================================
سنة(1)، وحيث توفي ماله سنة (895ه)، فيكون مولده سنة (832ه)، وكان ذلك بتلمسان الجزائرية الواقعة على بعد (800 كلم) غرب العاصمة الجزائر.
الفصل الثالث: في تشأته العلمية.
نشأ الإمام السنوسي دئنا ورعا في رعاية والده الشيخ الصالح المبارك الزاهد العابد الأستاذ المحقق المقرى الخاشع أبي يعقوب يوسف السنوسي الذي يعتبر أول شيخ له، فقد حفظ على يديه القرآن العظيم في صغره، وتهيا بتوجيهه للترقي في معارج العلوم الشرعية والعقلية، وقد تيسر له ذلك فيما بعد، سيما بالأخوة الفاضلة التي حظي بها، فقد كان أخوه لأمه الشيخ علي التالوتي يصطحبه معه إلى المجالس العلمية الراقية كمجلس الشيخ الحسن أبركان، بل كان هو أيضا شيخا له في العلوم الفقهية خاصة، فقد نقل الملالي ان الإمام السنوسي قرأ على أخيه في صغره رسالة الشيخ ابن أبي زيد القيرواني فهذه العوامل العائلية المتميزة، مع البيئة العلمية المزدهرة التي كانت عليها مدينة تلمسان، والتي اتسمت بتوافر العلماء واعتناء الدولة الزيانية بهم، يسرت للإمام السنوسي الانطلاق باكرا في مسيرة علمية حافلة بالتوفيق والسداد: وقد نقل لنا الشيخ الملالي بعض الأحداث الدالة على وفور عقل الإمام السنوسي وذكائة ونبوغه منذ صغره، منها قوله: احدثني شيخنا سيدي علي التالوتي - رحمه الله تعالى- قال: كان أخي سيدي محمد السنوسي إذا دخل على الشيخ سيدي الحسن أبركان به يتبسم له ويفاتحه بالكلام، ثم يقول في دعائه له: جعلك الله من الأئمة المتقين. وكان أخي سيدي محمد لا يتكلم في المجلس، وربما تغرض للشيخ سيدي الحسن مسألة ويتوقف أهل المجلس فيها، فيلتفت الشيخ سيدي الحسن أبركان إلى سيدي محمد السنوسي- وكان صغيرا - فيقول له: ما تقول يا محمد في هذه المسألة؟ فيقول: يحتمل أن يكون المراد كذا وكذا، فيقول الشيخ سيدي الحسن أبركان: الصواب ما قال (1) ونقل التنبكتي ذلك في كفاية المحتاج 206/2.
صفحه ۱۶
============================================================
محمد، يعني سيدي محمد السنوسي طله ونقع به، فقد آجاب الله دعوته وحقق فيه فراسته رضي الله تعالى عنهما وحشرنا في زمرتهما" اه.
الفصل الرابع: في مكانته العلمية.
لخص الملالي مكانة شيخه الإمام السنوسي العلمية قائلا: "اعلم أن العلم ينقسم إلى علم ظاهر وهو علم الشريعة، وباطن وهو علم الحقيقة، وهو أفضل العلوم، وقد جمع الله تعالى للشيخ- رضي الله تعالى عنه - بين العلمين على أكمل وجه؛ أما العلوم الظاهرة فقد فاز منها بأوفر نصيب، وحاز في الغروع والأصول السهم والتعصيب، ورمى إلى كل فضيلة ومكرمة بسهم مصيب، ولهذا كان- رضي الله تعالى عنه - لا تتحدث معه في علم من العلوم إلا تحدث معك فيه، حتى يقول السامع: إنه لا يحسن غير هذا العلم، لا سيما علم التوحيد وعلم المعقول. وقد شارك الفقهاء في العلوم الظاهرة، ولم يشاركوه في العلوم الباطنة، بل زاد على الفقهاء في العلوم الظاهرة زيادة لا يمكن وصفها: وهو حل اقفال المشكلات وما يغرض من الشبه والدواهي المعضلات، لا سيما علم التوحيد، وهذا هو العلم على الحقيقة الذي يعرف به حقائق الأشياء، ويزيل بأنوار علومه وفهومه من القلب داء الشبه وضروب الشكوك والامتراء4.اه.
الفصل الخامس: في شيوخه.
قدمنا أن الإمام السنوسي نشأ في عائلة علمية، وذكرنا أنه تلقى العلوم على مشاهير علماء عصره، وفيما يلي ذكر آبرزهم: 1- آبو يعقوب يوسف بن عمر بن شعيب السنوسي (1)، نسبة إلى القبيلة المعروفة بالمغرب من قبل آبيه، الحسني نسبة إلى سيدنا الحسن بن علي بن ابي طالب رضي الله تعالى عنهما، والد الإمام السنوسي، نعته الملالي بالشيخ الصالح المبارك الزاهد العابد الأستاذ المحقق المقرى الخاشع المقدس المرحوم، وذكر أنه في عدد أشياخ الإمام السنوسي حيث إنه قرأ عليه بعض القرآن العزيز في صغره.
(1) ترجم له في المواهب القدوسية، ص(14).
صفحه ۱۷
============================================================
2 - أبو الحسن علي بن محمد السنوسي الشهير بالتالوتي (1) الأنصاري (ت895ه)، أخو الإمام السنوسي لأمه، نعته الملالي بالشيخ الفقيه الحافظ المتفنن العالم الصالح البركة، وهو من أكبر تلاميذ الشيخ الحسن أبركان. كان حافظا لكتاب ابن الحاجب الفرعي مستحضرا له وكان بين عينيه، وذكر أن الإمام السنوسي أخذ عنه في زمن صغره رسالة ابن أبي زيد القيرواني: 3 - الحسن بن مخلوف بن مسعود المزيلي الراشدي(4)، الشهير ب: أبركان. (ت857ه) قال الملالي: هو الشيخ الإمام العالم العلم الولي الصالح القطب الغوث الشهير الكبير أخذ عن الشيخ ايراهيم المصمودي، والإمام ابن مرزوق الحفيد. لازمه الإمام السنوسي كثيرا في زمان صغره في أول بلوغه وانتفع به، وعذه الملالي من مشايخه وإن لم يأخذ عنه كما أخذ أخوه الشيخ علي التالوتي، وذلك لأنه حضر مجلسه وانتفع بكلامه.
محمد بن قاسم بن تونرث الصنهاجي التلمساني(2): العلامة الفقيه المشارك المحقق. وقد ذكر الملالي نقلأ عن شيخه الإمام السنوسي أنه قال: كان سيدي محمد بن تونرت - رحمة الله تعالى عليه- شيخا عالما بعلوم المعقول والمنقول والنجم والحساب والفرائض والأوفاق والخط والهندسة وفي كل علم. وذكر أيضا أن الإمام السنوسي قرأ عليه في زمن صغره جملة من الحساب والفرائض 5- أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن علي القرشي الشهير بالقلصادي(2) (ت891ه): الإمام العلامة الحاج الصالح الرخال، فرضي (1) ترجم له في المواهب القدوسية ص(20)؛ والبستان ص(139)؛ وشجرة النور ص(266).
(2) ترجم له في المواهب القدوسية ص(26)؛ ونيل الابتهاج ص (109)؛ والبستان ص(74)؛ وشجرة النور 262/1.
(3) ترجم له في المواهب القدوسية ص(17)؛ والبستان ص(237)؛ ونيل الابتهاج ص(321).
(4) ترجم له في المواهب القدوسية ص(18)؛ وثبت البلوي ص(104)؛ والبستان ص(141)؛ ونيل الابتهاج ص(209).
صفحه ۱۸
============================================================
عصره وعدديه، له تآليف عديدة اكثرها في الحساب والفرائض، كشرحه على تلخيص ابن البناء وشرحه على فرائض الحوفي. ذكر الملالي أن الإمام السنوسي قرأ عليه جملة من الحساب والفرائض، وأجازه القلصادي في جميع ما پرويه.
6 - نصر الزواوي التلمساني(1). كان عالما محققا زاهدا عابدا وليا صالحا تاصحا من أكابر تلاميذ الإمام محمد ابن مرزوق. أخذ عنه السنوسي علوم العربية ولازمه كثيرا: - محمد بن أحمد بن عيسى المغيلي الشريف الشهير بالجلاب(2).
ت875ه): الفقيه النوازلي. ذكر الملالي أن الإمام السنوسي كان يحدثه عن شيخه الجلاب فيقول: هو حافظ لمسائل الفقه. وذكر أيضا أن بعض الفقهاء أخبروه بأن الإمام السنوسي كان يقرأ عليه المدونة، وأنه ختمها عليه مرتين 8 - أبو الحجاج يوسف بن أحمد بن محمد الشريف الحسني(4). كان فقيها وجيها نزيها، عالما أستاذا مقرئا محققا. ذكر الملالي أن الإمام السنوسي قرا عليه القرآن الكريم بالمقارى السبعة المشهورة من أم القرآن إلى آخره ختمتين، زاد من الختمة الثالثة قدرا صالحا، وأجازه فيها وفي جميع مروياته: 9 - أبو عبد الله محمد بن العباس بن محمد بن عيسى العبادي الشهير بلاابن العباس"(4) (ت871ه): نعته الملالي بالشيخ الإمام العامل الحافظ المحصل المتفنن الصالح البركة، وذكر أن الإمام السنوسي قرأ عليه شيئا من (1) ترجم له في المواهب القدوسية ص (16)؛ وكفاية المحتاج ص(445)؛ والبستان ص(295)؛ والضوء اللامع 171/1؛ وطبقات الحضيكي 234/1.
(2) ترجم له في المواهب القدوسية ص (19)؛ والبستان ص(236).
(3) ترجم له في المواهب القدوسية؛ ونيل الابتهاج ص (354)؛ وطبقات الحضيكي 2 (4) ترجم له في المواهب القدوسية ص(20)؛ والبستان ص (223)؛ وشجرة النور 1
صفحه ۱۹
============================================================
علم الأصول، وقرأ عليه من كتب المنطق "الجمل" للخونجي من أوله إلى آخره في مدة يسيرة نحو ثلاثة أيام، وسبب ذلك آنه يقرا ويفسر ما يقرأه، فيورد له الامام السنوسي أسئلة ويسوق أجوبة لم توجد في الكتب، فيتعجب منه الشيخ ابن العباس ومن حسن جوابه ، فلما رأى ذلك منه قال: لا تقرأ علي، أتت الذي يقرا عليك، وهذا سبب قلة مدة قراءته عليه، والله تعالى اعلم.
1- أبو عبد الله محمد بن أحمد بن الحباك(1). (ت868ه) قال الملالي: الشيخ الأجل الصالح المعدل، قرأ عليه الشيخ السنوسي قبه كثيرا من علم الاسطرلاب، وقد ذكره الشيخ في شرح الأرجوزة التي ألفها شيخه المذكور وصرح فيه بأنه شيخه، وسمى قصيدته باابغية الطلاب في علم الاسطرلاب".: 1 - أبو القاسم الكنابشي البجائي (2). نعته الملالي بالشيخ الإمام العالم الورع الصالح، وذكر أن الإمام السنوسي وأخوه التالوتي قرا عليه كتاب "الإرشاد" لأبي المعالي الجويني في أصول الدين، وأجازهما بجميع مروياته.
12 - ابراهيم بن محمد بن علي اللتني التازي (2). نعته الملالي بالإمام العالم العلامة الورع الزاهد الصالح الولي الناصح. وذكر أن الإمام السنوسي لقيه عند رجوعه من الجزائر بعد تلقيه العلوم عن الشيخ الثعالبي، وتحديدا في مدينة وهران حيث مكث عنده مدة خمسة وعشرين يوما، فأخذ فيها الخرقة والذكر والمصافحة والسبحة والحديث المسلسل بالأولية، كل ذلك بأسانيده المتصلة إلى سيدنا محمد(4).
(1) ترجم له في المواهب القدوسية ص(20)؛ والبستان ص(222) .
(2) ترجم له في المواهب القدوسية ص(29)؛ وفي البستان، ص(152). وفيه: الكنباشي.
(3) ترجم له في المواهب القدوسية ص(33)؛ وثبت الوادي آشي ص(439).
(4) وقد ذكر جميعها صاحب المواهب القدوسية.
صفحه ۲۰