شرح المقاصد في علم الكلام
شرح المقاصد في علم الكلام
ناشر
دار المعارف النعمانية
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
1401هـ - 1981م
محل انتشار
باكستان
ژانرها
وأما الثالث فلأن الوجود إذا كان محتاجا إلى غيره كان ممكنا وكان جائز الزوال نظرا إلى ذاته وإلا لكان واجبا لذاته هذا خلف وإنما قلنا نظرا إلى ذاته دفعا لما قيل لا نسلم أن كل ممكن جائز الزوال وإنما يكون كذلك لو لم يكن واجبا بالغير وأجيب عن الأول بأنا لا نسلم استحالة كون الشيء قابلا وفاعلا وسيجيء الكلام على دليلها وعن الثاني بأنا لا نسلم لزوم تقدم الماهية على الوجود بالوجود وإنما يلزم ذلك لو لزم تقدم العلة على المعلول بالوجود وهو ممنوع ودعوى الضرورة غير مسموعة وإنما الضروري تقدمها بما هي علة به إن كانت بالوجود فبالوجود أو بالماهية فبالماهية كما في اللوازم المستندة إلى نفس الماهية فإن الماهية تتقدمها بذاتها ومن حيث كونها تلك الماهية من غير اعتبار وجودها أو عدمها كالثلاثة للفردية وذلك كالقابل فإن تقدمه على المقبول ضروري لكنه قد يكون بالماهية من حيث هي لا باعتبار الوجود أو العدم كماهيات الممكنات لوجوداتها وعن الثالث بأنا لا نسلم أن الوجود إذا كان محتاجا إلى الماهية كان جائزا لزوال عنها نظرا إلى ذاته وإنما يلزم لو لم تكن الماهية لذاتها مقتضية له ولا معنى لواجب الوجود سوى ما يمتنع زوال وجوده عن ذاته نظرا إلى ذاته ولا يضره احتياج وجوده إلى ذاته ولا تسميته ممكنا بهذا الاعتبار وإن كان خلاف الإصلاح فإن الممكن ما يحتاج إلى الغير في ثبوت الوجود له فلهذا لم يتعرض في المتن للإمكان واقتصر على الاحتياج ( قال فإن قيل ) العمدة في احتجاج الفلاسفة هو الوجه الثاني وحاصل ما ذكره الإمام في الجواب أنه لم لا يجوز أن يكون علة الوجود هي الماهية من حيث هي هي فتقدمه لا بالوجود كما أن ذاتيات الماهية متقدمة عليها لا بالوجود وكما أن الماهية علة للوازمها بذاتها لا بوجودها وكما أن ماهية الممكن قابل لوجوده مع أن تقدم القابل أيضا ضروري ورده الحكيم المحقق في مواضع من كتبه بأن الكلام فيما يكن علة لوجود أمر موجود في الخارج وبديهة العقل حاكمة بوجوب تقدمها عليه بالوجود فإنه مالم يلحظ كون الشيء موجودا امتنع أن يلحظ كونه مبدأ للوجود ومفيدا له بخلاف القابل للوجود فإنه لا بد أن يلحظه العقل خاليا عن الوجود أي غير معتبر فيه الوجود لئلا يلزم حصول الحاصل بل عن العدم أيضا لئلا يلزم اجتماع المتنافيين فإذن هي الماهية من حيث هي هي وأما الذاتيات بالنسبة إلى الماهية والماهية بالنسبة إلى لوازمها فلا يجب تقدمهما إلا بالوجود العقلي لأن تقدمها بالذاتيات واتصافها بلوازمها إنما هو بحسب العقل وإذا تحققت فتقدم قابل الوجود أيضا كذلك لما سيجيء من أنه بحسب العقل فقط لا كالجسم مع البياض فنقول على طريق البحث دون التحقيق لا نسلم أن المفيد لوجود نفسه يلزم تقدمه عليه بالوجود فإنه لا معنى للإفادة هنا سوى أن تلك الماهية تقتضي لذاتها الوجود ويمتنع تقدمها عليه بالوجود ضرورة امتناع حصول الحاصل كما في القابل بعينه بخلاف المفيد لوجود الغير فإن بديهة العقل حاكمة بأنه مالم يكن موجودا لم يكن مبدأ لوجود الغير ومن ههنا يستدل بالعالم على وجود الصانع فإن قيل إذا كانت ماهية الواجب مفيدة لوجوده ومقتضية له كان وجوده معلولا للغير وكل معلول للغير ممكن فيكون وجود الواجب ممكنا هذا خلف قلنا بعد المساعدة على تسمية مقتضى الماهية معلولا لها وتسمية الذات الموجودة غيرا للوجود لا نسلم أن كل معلوم للغير بهذاالمعنى ممكن وإنما يلزم ذلك لو لم يكن المعلول هوالوجود والغير هو الماهية التي قام بها ذلك الوجود كيف ولا معنى لوجوب الوجود سوى كونه مقتضى الذات التي قام بها الوجود من غير احتياج إلى غير تلك الذات وهذا معنى قوله قلنا لذاته فيجب أن يكون وجود الواجب مقتضي لذات الواجب فيكون اللازم وجوبه لا إمكانه وتحقيقه أنا إذا وصفنا الماهية بالوجوب فمعناه أنها لذاتها تقتضي الوجود وإذا وصفنا به الوجود فمعناه أنه مقتضي ذات الماهية من غير احتياج إلى غيرها فسواء قلنا واجب الوجود لذاته أو الوجود واجب لذاته فالمراد ذات الموجود لا ذات الوجود ( قال وعورضت ) استدل المتكلمون على زيادة وجود الواجب على ماهيته بوجوه
الأول لو كان وجود الواجب مجردا عن مقارنة الماهية فحصول هذا الوصف له إن كان لذاته لزم أن يكون كل وجود كذلك لامتناع تخلف مقتضى الذات وقد مر بطلانه بل واجبا فيلزم تعدد الواجب وإن كان لغيره لزم احتياج الواجب في وجوبه إلى الغير ضرورة توقف وجوبه على التجرد المتوقف على ذلك الغير لا يقال يكفي في التجرد عدم ما يقتضي المقارنة لأنا نقول فيحتاج إلى ذلك العدم وأجيب بأنه لذاته الذي هو الوجود الخاص المخالف بالحقيقة لسائر الموجودات
الثاني الواجب مبدأ الممكنات فلو كان وجودا مجردا فكونه مبدأ للممكنات إن كان لذاته فيلزم أن يكون كل وجود كذلك وهو محال لاستحالة كون وجود زيد علة لنفسه ولعله وإلا فإن كان هو الوجود مع قيد التجرد لزم تركب المبدأ بل عدمه ضرورة أن أحد جزئيه وهو التجرد عدمي وإن كان بشرط التجرد لزم جواز كون كل وجود مبدأ لكل وجود إلا أن الحكم تخلف عنه لانتفاء شرط المبدائية ومعلوم أن كون الشيء مبدأ لنفسه ولعلله ممتنع بالذات لا بواسطة انتفاء شرط المبدائية والجواب أن ذلك لذاته الذي هو وجود خاص مباين لسائر الوجودات فلا يلزم أن يكون كل وجود كذلك
الثالث الواجب يشارك الممكنات في الوجود ويخالفها في الحقيقة وما به المشاركة غير ما به المخالفة فيكون وجوده مغايرا لحقيقته والجواب أن ما به المشاركة هو الوجود المطلق والحقيقة هو الوجود الخاص وهو المتنازع
الرابع الواجب إن كان نفس الكون في الأعيان أعني الوجود المطلق لزم تعدد الواجب ضرورة أن وجود زيد غير وجود عمرو وإن كان هو الكون مع قيد التجرد لزم تركب الواجب من الوجود والتجرد مع أنه عدمي لا يصلح جزأ للواجب أو بشرط التجرد لزم أن لا يكون الواجب واجبا لذاته بل بشرطه الذي هو التجرد وإن كان غير الكون في الأعيان فإن كان بدون الكون في الأعيان فمحال ضرورة أنه لا يعقل الوجود بدون الكون وإن كان مع الكون فإما أن يكون الكون داخلا فيه وهو محال ضرورة امتناع تركب الواجب أو خارجا عنه وهو المطلوب لأن معناه زيادة الوجود على ما هو حقيقة الواجب والجواب أنه نفس الكون الخاص المجرد المخالف لسائر الأكوان ولا نزاع في زيادة الكون المطلق عليه
صفحه ۶۵