شرح المقاصد في علم الكلام
شرح المقاصد في علم الكلام
ناشر
دار المعارف النعمانية
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
1401هـ - 1981م
محل انتشار
باكستان
ژانرها
قد اتفق المحققون على أن العناصر كلها كرية الشكل وأن الأرض في الوسط بمعنى أن وضعها من السماء كمركز الكرة عند محيطها وأنها لا تتحرك لا من المركز ولا إليه ولا عليه واستدلوا على ذلك بحسب النظر التعليمي بأدلة مذكورة في كتب الهيئة تفيد الانية وبحسب النظر الطبيعي بما يفيد اللمية على ما ذكر في علم السماء والعالم مثل أن جميع العناصر بل الفلكيات بسائط والشكل الطبيعي للبسيط هو الكرة لأن مقتضى الطبيعة الواحدة لا يختلف وأن الأرض ثقيل مطلق فتكون تحت الكل وهو ما يلي مركز محدد الجهات وإذا كانت في حيزها الطبيعي لم تتحرك عنه ولا إليه وإن في الأرض مبدأ ميل مستقيم على ما يرى في أجزائها فلا يكون فيها مبدأ ميل مستدير لتضاد الميلين فلا تتحرك على المركز كما ذهب إليه البعض من أن ما يظهر من الطلوع والغروب بالحركة اليومية مستند إلى حركة الأرض على مركزها حركة وضعية من المغرب إلى المشرق والكل ضعيف لأنها لا يفيد كونها كذلك في الوجود لأن مقتضى الطبع قد يزول بالقاسر فيجوز أن لا يبقى على الكرية ولا في الوسط وتتحرك على الاستدارة لا بالطبع كالفلك وأما الأدلة التعليمية فكثيرة مذكورة في موضعها بما عليها من الإشكالات مثل استدلالهم على كرية الماء بأنه لو لم يكن كريا ساترا بتقبيبه لأسافل الجبل الشامخ على ساحل البحر لظهر الجبل كله دفعة للسائر في البحر وليس كذلك لأنه يظهر له رأس الجبل أولا ثم ما تحته قليلا قليلا ويتحقق ذلك بأن توقد نيران على مواضع مختلفة من أعلى الجبل إلى أسفله ومثل استدلالهم على كون الأرض في الوسط بأنها لو لم تكن كذلك لزم أن يرى الكوكب في بعض البقاع أصغر لبعده عن السماء وفي البعض أكبر لقربه منها والواقع بخلافه ومثل استدلالهم على كرية الأرض بأنه لو كان امتدادها الطولي أعني ما بين المشرق والمغرب على استقامة لكان طلوع الكواكب على سكانها وكذا غروبها عنهم في آن واحد وعلى تقعير لكان الطلوع على المغربيين قبله على المشرقيين في مساكن متفقة العرض وكذا الغروب فيها ليس كذلك بل الطلوع والغروب للمشرقيين قبلهما للمغربيين بحكم إرصاد الحوادث الفلكية من الخسوفات القمرية وغيرها فإن أوساطها إنما تتفق في آن واحد لا محالة وهي مختلفة بالنسبة إلى أول الليل حتى لو كانت للمغربي بعد مضي ساعتين كانت للمشرقي بعد مضي ثلاث ساعات أن كان ما بين نصفي نهاريهما خمس عشرة درجة وبين مسكنيهما المتفقي العرض ألف ميل وعلى هذا النسق يتعين التحديب ولو كان الامتداد العرضي أعني ما بين الجنوب والشمال على استقامة لبقي ارتفاع أحد القطبين وانحطاط الآخر على حاله بالنسبة إلى السائر كم سار أو على تقعير لانتقص ارتفاع القطب الظاهر وانحطاط الآخر بالنسبة إلى السائر إلى جهة القطب الظاهر وبالعكس للسائر إلى جهة القطب الخفي والوجود بخلاف ذلك إذ يزداد ارتفاع القطب الشمالي وانحطاط الجنوبي للواغلين في الشمال وبالعكس للواغلين في الجنوب بحسب وغولهما فتعين التحديب في هذين الامتدادين وكذا في سائر الامتدادات التي في سموت بين السمتين لتركب الاختلافين حسب ما يقتضيه التحديب دون الاستقامة أو التقعير وإذا ثبت استدارة القدر المكشوف حدس منه أن الباقي كذلك واعترض بأنه يجوز أن يكون وجود الأمور المذكورة على النهج المذكور مبنيا على سبب آخر غير الاستدارة والتوسط وحاصله أن ما ذكرتم استدلال بوجود المسبب على وجود سبب معين ولا يتم إلا إذا بين انتفاء سبب آخر ولو سلم فما ذكر لا يفيد إلا الاستدارة والتوسط بحسب الحس دون الحقيقة ولا محيص إلا بالرجوع إلى أن ذلك تحدس كما في استضاءة القمر بالشمس
( قال القسم الثالث 2 )
صفحه ۳۵۶