شرح المقاصد في علم الكلام
شرح المقاصد في علم الكلام
ناشر
دار المعارف النعمانية
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
1401هـ - 1981م
محل انتشار
باكستان
ژانرها
المشهور في الاستدلال على حدوث الأجسام أنها لا تخلو عن الحوادث وكل ما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث أما الكبرى فظاهرة وأما الصغرى فلوجهين أحدهما أن الأجسام لا تخلو عن الأعراض كما مر والأعراض كلها حادثة إذ لو كانت قديمة لكانت باقية بما تقرر من أن القدم ينافي العدم والأزلية تستلزم الأبدية لكن اللازم باطل لما سبق من أدلة امتناع بقاء الأعراض على الإطلاق وثانيهما أن الأجسام لا يخلو عن الحركة والسكون لأن الجسم لا يخلو عن الكون في الحيز وكل كون في الحيز إما حركة أو سكون لأنه إن كان مسبوقا يكون في غير ذلك الحيز فحركة وإلا فسكون لما سبق من أنه لا معنى للحركة والسكون سوى هذا ثم كل من الحركة والسكون حادث أما الحركة فلوجهين أحدهما أنها تقتضي المسبوقية بالغير لكونها تغيرا من حال إلى حال وكونا بعد كون وهذا سبق زماني حيث لم يجامع فيه السابق المسبوق والمسبوق بالغير سبقا زمانيا مسبوق بالعدم لأن معنى عدم مجامعة السابق المسبوق أن يوجد السابق ولا يوجد المسبوق والمسبوقية بالعدم هو معنى الحدوث ههنا وثانيهما أن الحركة في معرض الزوال قطعا لكونها تغيرا وتقضيا على التعاقب والزوال أعني طريان العدم ينافي القدم لأن ما ثبت قدمه امتنع عدمه فما جار عدمه انتفى قدمه وأما السكون فلأنه وجودي جائز الزوال ولا شيء من القديم كذلك لما مر وإنما قيد بالوجودي لأن عدم الحادث قديم يزول إلى الوجود إذ دليل امتناع عدم القديم وهو أنه إما واجب أو مستند إليه بطريق الإيجاب إنما قام في الموجود أما كون السكون وجوديا فلأنه من الأكوان وأما كونه جائز الزوال فلأن كل جسم قابل للحركة أما أولا فلعدم نزاع الخصم في ذلك وأما ثانيا فلأن الأجسام متماثلة فيجوز على كل منها ما يجوز على الآخر فإذا جاز الحركة على البعض بحكم المشاهدة جاز على الكل وأما ثالثا فلأن الأجسام إما بسايط وإما مركبات فالبسايط يجوز على كل من أجزائها المتشابهة الحصول في حيز الآخر وما ذاك إلا بالحركة والمركبات يحوز على كل من بسايطها المتماسة أن يكون تماسها الذي وقع بجزء من هذا يقع بسائر أجزائه المتشابهة وذلك بالحركة واعترض على ما ذكر في بيان امتناع خلو الجسم عن الحركة والسكون بأنه لو صح لزم أن يكون الجسم في أول الكون متحركا أو ساكنا واللازم باطل قطعا لاقتضاء كل منهما المسبوقية بكون آخر وبأنا لا نسلم أن الكون في حيز إن لم يكن مسبوقا بالكون في ذلك الحيز كان حركة وإنما يلزم لو كان مسبوقا بالكون في حيز آخر وهذا في الأزل محال لأن الأزلية تنافي المسبوقية بحسب الزمان وأجيب بأن الكلام في الكون المسبوق بكون آخر للقطع بأن الكون الذي لا كون قبله حادث قطعا وفيه المطلوب وعلى هذا فالمنع ساقط لأن معنى ساقط لأن معنى الكلام أن الكون إن لم يكن مسبوقا بالكون في ذلك الحيز بل في حيز آخر كان حركة وما ذكر من أن هذا ينافي الأزلية باطل لأن الأزل ليس عبارة عن حالة زمانية لا حالة قبلها ليكون الكون فيه كونا لا كون قبله بل معناه نفي أن يكون الشيء بحيث يكون له أول وحقيقته الاستمرار في الأزمنة المقدرة الماضية بحيث لا يكون له بداية كما أن حقيقة الأبدية هو الاستمرار في الأزمنة الآتية لا إلى نهاية فإن قيل ما ذكرتم من دليل امتناع الأزلية إنما يقوم في كل جزئي من جزيئات الحركة ولا يدفع مذهب الحكماء وهو أن كل حركة مسبوقة بحركة أخرى لا إلى بداية والفلك متحرك أزلا وأبدا بمعنى أنه لا يقدر زمان إلا وفيه شيء من جزيئات الحركة وهذا معنى كون ماهية الحركة أزلية وحينئذ برد المنع على الكبرى أيضا أي لا نسلم أن ما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث وإنما يلزم لو كانت تلك الحوادث متناهية فلا بد من بيان امتناع تعاقب الحوادث من غير بداية ونهاية على ما هو رأيهم في حركات الأفلاك وأوضاعها أجيب أولا بإقامة البرهان على امتناع أن تكون ماهية الحركة أزلية وذلك من وجهين أحدهما أن الأزلية تنافي المسبوقية ضرورة والمسبوقية من لوازم ماهية الحركة وحقيقتها لكونها عبارة عن التغير من حال إلى حال ومنافي اللازم مناف للملزوم ضرورة وثانيهما بأن ماهية الحركة لو كانت قديمة أي موجودة في الأزل لزم أن يكون شيء من جزيئاتها أزليا إذ لا تحقق للكلي إلا في ضمن الجزئي لكن اللازم باطل بالاتفاق وثانيا بإقامة البرهان على امتناع تعاقب الحوادث الغير المتناهيه وذلك أيضا بوجهين أحدهما طريق التطبيق وهو أن نفرض جملة من الحوادث المتعاقبة من الآن وأخرى من يوم الطوفان كل منهما لا إلى نهاية ثم نطبق بهما بحسب فرض العقل إجمالا بأن نقابل الأول من هذه بالأول من تلك وهكذا فإما أن يتطابقا فيتساوى الكل والجزء أولا فتنقطع الطوفانية ويلزم انتهاء الآنية لأنها لا تزيد عليها إلا بقدر متناه وثانيهما طريق التكافؤ وهو أنا نفرض سلسلة من الحادث المعين الذي هو مسبوق بحاث وليس سابقا على حادث آخر بمنزلة المعلول الأخير فلضرورة تضايف السابقية والمسبوقية وتكافؤ المتضايفين في الوجود لزم أن تشتمل السلسلة على سابق غير مسبوق وهو المنتهى وتقرير آخر أنا نفرض سلسلة من المسبوقية وأخرى من السابقية ثم نطبق بينهما فتقع مسبوقية الأخير بإزاء سابقية ما فوقه فيلزم الانتهاء إلى ماله السابقية دون المسبوقية تحقيقا للتضايف
( قال وقد يذكر 7 )
صفحه ۳۲۹