شرح المقاصد في علم الكلام
شرح المقاصد في علم الكلام
ناشر
دار المعارف النعمانية
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
1401هـ - 1981م
محل انتشار
باكستان
ژانرها
الرابع أن الإمام قد اعتبر في تضاد الحركة تضاد المبدأ والمنتهى من حيث وصف المبدائية والمنتهية وذكر أن التعلق الذاتي للحركة لما كان بنفس الوصفين دون الذاتين إذ لو لم يعرض للنقطتين كونهما مبدأ وغاية للحركة لم يكن للحركة تعلق بهما أوجب تضاد الأطراف تضاد الحركات فإن قيل موجب تضاد الحركتين تضاد مبدأيهما وتضاد منتهيهما لا تضاد المبدأ والمنتهى قلنا معنى الكلام لأن المبدأ والمنتهى لما كانا متضادين كانت الصاعدة والهابطة مبدأهما متضادين لكونهما مبدأ ومنتهى للصاعدة وكذا منتهاهما لكونهما مبدأ ومنتهى للهابطة فإن قيل فيلزم التضاد بين كل حركة مستقيمة من نقطة إلى أخرى مع الرجوع عنها إلى الأولى بل المستديرة أيضا كما إذا تحرك جسم من أول الحمل إلى أول الميزان ثم رجع عنه إلى أول الحمل بحيث يكون ممر الحركتين على الحمل والثور والجوزاء والسرطان والأسد والسنبلة وبتحقق البداية والنهاية بالفعل فلا يندفع بما قيل أن الحركة على التوالي لا تضاد الحركة على خلاف التوالي لأن كلا منهما تفعل مثل ما تفعل الأخرى لكن في النصفين على التبادل مثلا المنحدر من السرطان إلى الجدي على التوالي يكون مسافته الأسد والسنبلة والميزان والعقرب والقوس والمنحدر من السرطان إلى الجدي على خلاف التوالي يكون مسافته الجوزاء والثور والحمل والحوت والدلو والصعود بالعكس فقد فعل كل منهما ما فعله الآخر لكن في النصف الآخر قلنا لو ثبت الاختلاف بالماهية وغاية الخلاف التزم التضاد وهم إنما نفوا التضاد عن الحركات المستديرة الوضعية كحركة الرحى وما ذكرت من الحركتين بين الحمل والميزان حركة أينية على الاستدارة كحركة النمل على الرحى ( قال وأما انقسامها ) لا خفاء في تطابق الحركة والزمان وما يقع فيه التغير من المقادير والكيفيات والأيون والأوضاع فعند انقسام أحد الأمور الثلاثة ينقسم الآخران ضرورة وأمر المبدأ والمنتهى ظاهر وفي المحرك تفصيل وهو أنه قد ينقسم وقد لا ينقسم وبتقدير الانقسام قد يقوى البعض منه على التحريك وقد لا يقوى وبتقدير القوة هل يكون بعض الأثر أثر البعض وبالجملة فالكلام فيه طويل وأما المتحرك فمن حيث أنه محل للحركة وانقسام المحل موجب لانقسام الحال كان ينبغي أن يكون انقسامها بانقسامه ظاهر لكنه خفي من جهة الخفاء في أن القابل للانقسام من الحركة هل هو حال في المتحرك حلول السريان كالبياض في الجسم وقد اختص ذلك في الحركة الأينية بمزيد خفاء فإن أجزاء المتحرك لا تفارق أمكنتها بالكلية بل تشبه أن تكون الأجزاء الباطنة لا تفارق أمكنتها أصلا نعم لو عرض للأجزاء انفصال كان للحركة انقسام شبيه بالانقسام في العرض لكن التغير التدريجي المسمى بالحركة على حاله وعلى امتداده فإن سمي مثل هذا انقساما للحركة بانقسام المتحرك فلا مشاحة وأما الانقسام الكمي الذي هو تكثير امتدادها الوهمي إلى ما له من الأجزاء الفرضية بحيث يحصل اسم النصف والثلث والربع ونحو ذلك فلا يتصور إلا بانقسام المسافة أو الزمان ( قال المبحث الخامس ) لا بد للحركة من زمان ومن امتداد في الأيون أو المقادير أو الكيفيات أو الأوضاع ولا بأس بتسميته مسافة وإن كان الاسم بإطلاقه لما في الأيون وهما أعني الزمان والمسافة يقبلان القسمة فإذا فرضنا قطع مسافة في زمان فقد يقطع تلك المسافة في زمان أقل أو يقطع في ذلك الزمان مسافة أقل مع أن حقيقة الحركة بحالها فلا محالة يكون ذلك نصفه في الحركة يشتد فيقطع المسافة الأطول ويسمى سرعة ويضعف فيقطع المسافة الأقصر ويسمى بطئا ولا نقدر على التعبير عنهما إلا بما يلزمهما من قطع المسافة الأطول في زمان مساو والمسافة المساوية في زمان أقل وقطع المسافة الأقصر في زمان مساو والمسافة المساوية في زمان أكثر ويختلفان بحسب الاعتبار فتكون الحركة الواحدة سريعة بالنسبة إلى ما يقطع مسافتها في زمان أكثر أو يقطع في زمانها مسافة أطول وبطيئة بالنسبة إلى عكس ذلك ( قال وسبب البطء ) يعني أن المعاوقة التي تكون من نفس المتحرك كثقل الجسم يصلح سببا لبطء الحركة القسرية كما في الحجر المرمي إلى فوق والإرادية كما في صعود الإنسان الجبل لا الطبيعية لامتناع أن يكون الشيء مقتضيا لأمر ومانعا عنه والمعاوقة التي تكون من الخارج كغلظ قوام ما يتحرك فيه يصلح سببا لبطء الحركة الطبيعية كنزول الحجر في الماء والقسرية والإرادية كحركة السهم والإنسان فيه وقد يكون السبب في بطئهما نفس الإرادة كما في رمي الحجر وتحريك اليد برفق ولا خفاء في سببية هذه الأمور في الجملة لكن عند الفلاسفة من جهة أنها تصير سببيا لضعف الميل الذي هو العلة القريبة للحركة فيضعف المعلول وعند المتكلمين من جهة أنه يكثر حينئذ تخلل السكنات التي لاتخ الحركة عن شوبها وتختلف بالسرعة والبطء بحسب قلتها وكثرتها والفلاسفة نفوا ذلك بوجوه
الأول أنه لو كان البطء لتخلل السكنات لامتنع تلازم حركتين مع اتحاد الزمان واختلاف المسافة بالطول والقصر لأن الحركة التي في المسافة الأقصر تكون أبطأ ضرورة اتحاد الزمان فيكون تخلل السكنات فيها أكثر فيصدق أنه قد لا يتحرك الثاني عند تحرك الأول فلا يصدق أنه كلما تحرك الثاني تحرك الأول وبالعكس على ما هو معنى التلازم هف لكن اللازم باطل لتحقق التلازم مع تفاوت المسافة في صور كثيرة كحركة الشمس مع ما يتخيل من حركة ظلال الأشخاص وإنما قلنا يتخيل لأن الظل عرض لا حركة له بل إنما يطرأ عليه الضوء الأول أعني الضوء الحاصل من مقابلة جرم الشمس فيرى كأنه يتحرك إلى الانتقاص أو يزول الضوء الأول فيحدث الظل شيئا فشيئا فيرى كأنه يتحرك إلى الازدياد وكحركة طوقي الرحى أعني الدائرة العظيمة والصغيرة وكحركتي الشعبتين الخارجة والمتوسطة من الفرجار ذي الشعب الثلاث عند رسمها الدائرة العظيمة والصغيرة وأجيب بأنا لانم تلازم الحركتين بمعنى امتناع الانفكاك عقلا وإنما هو عادي يجوز ارتفاعه بأن تتحرك الشمس مع سكون الظل وكذا في جميع الصور غايته أنه يلزم انفكاك الرحى والفرجار وهو ملتزم
صفحه ۲۷۵