قال ارسطوطاليس ترجمة اسحق] ان النظر فى الحق صعب من جهة سهل من جهة والدليل على ذلك انه لم يقدر احد من الناس على البلوغ فيه بقدر ما يستحق ولا ذهب على الناس كلهم لاكن واحد واحد من الناس تكلم فى الطبيعة وواحد واحد منهم اما ان يكون لم يدرك من الحق شيئا واما ان كان ادرك شيئا منه فانما ادرك يسيرا فاذا جمع ما ادرك منه من جميع من ادرك ما ادرك منه كان للمجتمع من ذلك مقدار ذو قدر فيجب ان يكون سهلا من هذه الجهة وهى الجهة التى من عادتنا ان نتمثل فيها بان نقول انه ليس احد يذهب عليه موضع الباب من الدار ويدل على صعوبته انه لم يمكن ان يدرك باسره ولا جزء عظيم منه واذا كانت الصعوبة من جهتين فخليق ان يكون انما استصعب لا من جهة الامور باعيانها لا كن سبب استصعابها انما هو منا وذلك ان حال العقل فى النفس منا عندما هو فى الطبيعة فى غاية البيان يشبه حال عيون الخفاش عند ضياء الشمس التفسير لما كان هذا العلم هو الذى يفحص عن الحق باطلاق اخذ يعرف حال السبيل الموصلة اليه فى الصعوبة والسهولة اذ كان من المعروف بنفسه عند الجميع ان هاهنا سبيلا تفضى بنا الى الحق وان ادراك الحق ليس يمتنع علينا فى اكثر الاشياء والدليل على ذلك انا نعتقد اعتقاد يقين انا قد وقفنا على الحق فى كثير من الاشياء وهذا يقع به اليقين لمن زاول علوم اليقين ومن الدليل ايضا على ذلك ما نحن عليه من التشوق الى معرفة الحق فانه لو كان ادراك الحق ممتنعا لكان الشوق باطلا ومن المعترف به انه ليس هاهنا شىء يكون فى اصل الجبلة والخلقة وهو باطل فلما كان من المعترف به وبخاصة عند من وصل الى هذا العلم ان لنا سبيلا الى معرفة الحق اخذ يعرف حال هذه السبيل فى الوعورة والسهولة فقال ان النظر فى الحق صعب من جهة سهل من جهة يريد ان هذه السبيل الموصلة الى الحق هى سهلة من جهة صعبة من جهة ثم اخذ يحتج لوجود هاتين الصفتين فى هذه السبيل فقال والدليل على ذلك انه لم يقدر احد من الناس على البلوغ فيه بقدر ما يستحق ولا ذهب على الناس كلهم يريد والدليل اما على صعوبته فانه لم يلف واحد من الناس وصل منه دون مشاركة غيره له فى الفحص الى القدر الواجب فى ذلك واما على سهولته فالدليل عليها انه لم يذهب على الناس كلهم لانه لو وجدنا كل من بلغنا زمانه لم يقف جميعهم على الحق ولا على شىء له قدر من ذلك لكنا نرى انه عسر ولم نقض بالامتناع لمكان طول الزمان المحتاج الى الوقوف فيه على الحق فكان قصر الزمان الذى وقف فيه على الحق اما كله واما ذو قدر منه يوذن بسهولته ولما ذكر هذا من احوال الناس اخذ يذكر عن حال الناس فى ذلك الزمن الذى وصل اليه خبره فقال لا كن واحد واحد تكلم فى الطبيعة وواحد واحد منهم اما ان يكون لم يدرك من الحق شيئا واما ان كان ادرك شيئا منه فانما ادرك اليسير فاذا جمع ما ادرك منه من جميع من ادرك ما ادرك منه كان للمجتمع من ذلك مقدار ذو قدر يريد وانما قلنا هذا الذى قلنا فى نحو ادراك الحق لانا لما تصفحنا حال من كان قبلنا فى العلوم ممن وصلنا خبرهم وجدناهم احد رجلين اما رجل لم يدرك من الحق شيئا واما رجل ادرك منه شيئا يسيرا ولما اخبر بهذا قال فقد يجب ان يكون سهلا من هذه الجهة وهى الجهة التى من عادتنا ان نتمثل فيها بان نقول انه ليس احد يذهب عليه موضع الباب من الدار يريد واذا تقرر انه سهل من جهة وصعب من جهة فقد يجب ان يكون سهلا من هذه الجهة وهى ان فى كل جنس من اجناس الموجودات اشياء تتنزل منها منزلة باب الدار من الدار فى انها لا تخفى على احد كما لا يخفى موضع باب الدار على احد وهذه هى المعارف الاول التى لنا بالطبع فى كل جنس من اجناس الموجودات ولما ذكر جهة السهولة اعاد ذكر جهة الصعوبة فقال ويدل على صعوبته انه لم يمكن ان يدرك باسره ولا جزء عظيم منه يريد من اول الزمان الذى وصله خبره الى زمانه وكانه اشارة منه الى انه ادرك الحق او اعظمه وان الذى ادرك منه من كان قبله بالاضافة الى ما ادرك هو منه هو جزء قليل - اما كل الحق واما اكثر الحق والاولى ان يظن انه ادرك الحق كله اعنى بكل الحق القدر الذى فى طبع الانسان ان يدركه بما هو انسان ثم قال واذا كانت الصعوبة من جهتين فخليق ان يكون انما استصعب لا من جهة الامور باعيانها لا كن سبب استصعابها انما هو منا وذلك ان حال العقل فى النفس منا عندما هو فى الطبيعة فى غاية البيان يشبه حال عيون الخفاش عند ضياء الشمس يريد واذا كانت صعوبة ادراك الموجودات توجد من وجهين فخليق ان تكون الصعوبة فى الاشياء التى فى الغاية من الحق وهو المبدأ الاول والمبادى المفارقة البرية من الهيولى من قبلنا نحن لا من قبلها فى انفسها وانما كان ذلك كذلك لانه لما كانت مفارقة كانت معقولة فى انفسها بالطبع ولم تكن معقولة بتصييرنا اياها معقولة لانها فى انفسها معقولة كحال الصور الهيولانية على ما تبين فى كتاب النفس وذلك ان الصعوبة فى هذه هى من قبلها اكثر مما هى من قبلنا ولما كانت حال العقل من المعقول حال الحس من المحسوس شبه قوة العقل منا بالاضافة الى ادراك المعقولات البرية من الهيولى باعظم المحسوسات التى هى الشمس الى اضعف الابصار وهو بصر الخفاش لا كن ليس يدل هذا على امتناع تصور الامور المفارقة كامتناع النظر الى الشمس على الخفاش فانه لو كان ذلك كذلك لكانت الطبيعة قد فعلت باطلا بان صيرت ما هو فى نفسه معقول بالطبع للغير ليس معقولا لشىء من الاشياء كما لو صيرت الشمس ليست مدركة لبصر من الابصار
[2] Textus/Commentum
صفحه ۸