الشرح: هذا الفصل مع فصول بعده يجوز أن يكون الغرض منها بيان مقادير أغذية الأصحاء، كما كان الغرض بما قبلها بيان مقادير أغذية المرضى، ويجوز أن يكون الغرض منها تتمة الكلام في تقدير أغذية المرضى؛ وذلك لأن الأسنان تختلف باختلافها مقادير الأغذية فينبغي أن يراعى أمرها في تقدير أغذية المرضى. والصوم قد يراد به الإمساك عن الطعام مدة طويلة، وقد يراد به الاكتفاء بالأغذية اليسيرة، وعلى A هذا المعنى يصح قوله: "المشايخ أحمل الناس للصوم" وأما على المعنى الأول فلا يصح، إلا أن يريد بالمشايخ الذين في أول سن الشيخوخة، فإن المتناهين في الشيخوخة لا يحتملون تأخير الغذاء البتة، لكنهم يحتملون تقليله. ومعنى قوله: "أحمل الناس" أي أقلهم تضررا به وأقلهم جوعا. ونقول: إن الأسنان أربعة لأن البدن إما أن يكون متزايدا أو متناقصا أو لا واحدا منها. والأول هو سن النمو، ويسمى سن الحداثة. والثاني إما أن يكون النقصان ظاهرا ومع ضعف القوة، وهو سن الشيوخ، أو لا يكون كذلك وهو سن الكهول. والثالث وهو سن الشبان. وسنبين مدة كل واحد من الأسنان ونستقصي الكلام فيها في المقالة الثالثة. ولما بين اختلاف الأسنان في احتمالها للصوم بين أن أشخاص السن الواحد قد يختلف في ذلك بسبب اختلاف طباعهم، ومثل على ذلك بالصبيان لأن اختلاف ذلك فيهم أكثر فقال: "وما كان من الصبيان أقوى شهوة فهو أقل احتمالا له" لأن قوة الشهوة B تدل على قوة الهضم الدالة على قوة الحرارة، لأن الكلام في الشهوة الصحيحة الصادقة.
[aphorism]
قال أبقراط: ما كان من الأبدان في النشوء فالحار الغريزي فيهم على غاية ما يكون من الكثرة ويحتاج من الوقود إلى أكثر مما يحتاج إليه سائر الأبدان، فإذا لم يتناول ما يحتاج إليه من الغذاء ذبل بدنه ونقص. وأما في المشايخ فالحار الغريزي فيهم قليل، ومن قبل هذا ليس يحتاجون من الوقود إلا إلى اليسير لأن حرارتهم تطفأ (23) من الكثير (24)، ومن قبل ذلك أيضا ليس تكون الحمى في المشايخ حادة كما تكون في الأبدان التي في النشوء، وذلك لأن أبدانهم باردة.
[commentary]
صفحه ۳۶