الشرح: الغذاء كما يختلف حكمه في القلة والكثرة واللطافة والغلظ بحسب القوة وبحسب الأمراض، كذلك يختلف باختلاف أحوال الأمراض وهى النوائب التي تكون فيها. ونعني بالدور مجموع زمان الأخذ والراحة، وبالنوبة زمان الأخذ. ونقول: كل مرض فإما أن يكون له نوائب أو لا يكون. فالذي لا نوائب له لا يختلف الغذاء بحسب نوبته إذ لا نوبة له، والذي له نوائب فإما أن يمتنع أخذ الغذاء فيها حينا وذلك كالصرع، وإما أن لا يمتنع حينا كالحميات. والحميات منها ما لا نوبة لها فلا يكون لها أدوار كالدق والمطبقة، ومنها ما لها نوائب فيكون لها أدوار. وإذا كان للحمى أدوار فينبغي أن يمنع من الغذاء في وقت النوبة لوجوه: أحدها: أن الحرارة تشتد لاجتماع حرارة الحمى مع حرارة طبخ الغذاء. وثانيها: أن الطبيعة تتوجه إلى الغذاء وإلى المرض فيكون فعلها في كل واحد منهما أقل مما لو انفرد فيجب أن A ينقص فعلها في مادة المرض فتطول النوبة وتصعب، ويجب أن يفسد الغذاء لقصور فعل الطبيعة فيه فتزيد مادة المرض ولا يحصل به تقوية يعتد بها. وثالثها: أن الغذاء في ذلك الوقت مغلظ زائد في المادة فيجب أن تطول النوبة. واعلم أن وقت النوبة أولى بمنع الغذاء فيه، فإن كانت الحمى لا تفارق ولها فترات جعل الغذاء وقت الفترة، وإن كانت لا فترات لها جعل في الوقت الأبرد من النهار واحتمل ما يوجبه الضرر المذكور إذ لا مندوحة عن التغذية. ولا كذلك زمن النوبة، فإنه يمكن التأخير إلى أن تفارق، وهذا يكون إذا احتملت القوة التأخير وإلا وجب الغذاء ولو وقت البحران. فإن قيل: ما الفائدة فيقوله: "وإذا كان للحمى أدوار فامنع من الغذاء في وقت نوائبها" وكان يمكنه أن يقول: وإذا كان للحمى نوبة فامنع فيها الغذاء. قلنا: لأنه قد يكون للحمى نوائب ولا يكون لها أدوار، وذلك بأن تكون حميات ويكون B حدوث النائبة عند فراق الأولى ولا يكون لها راحة، ولا يكون لها راحة فلا يكون لها دور، وفي مثل هذه يجب استعمال الغذاء في وقت النوبة.
[aphorism]
قال أبقراط: إنه يدل على نوائب المرض ونظامه ومرتبته الأمراض أنفسها، وأوقات السنة، وتزيد الأدوار بعضها على بعض، نائبة كانت في كل يوم أو يوما ويوما لا أو في أكثر من ذلك من الزمان، والأشياء أيضا التي تظهر من بعد. مثال ذلك ما يظهر في أصحاب ذات الجنب، فإنه إن ظهر النفث فيهم بدءا منذ أول المرض كان المرض قصيرا، وإن تأخر ظهوره كان المرض طويلا. والبول والبراز والعرق إذا ظهرت بعد، فقد تدلنا على جودة بحران المرض ورداءته، وطول المرض وقصره.
[commentary]
صفحه ۳۱