شرح فصول ابقراط
شرح فصول أبقراط
ژانرها
الرياضة أفضل شيء استعمل لحفظ الصحة على ما عرفت غير أنه يجب أن يراعى * في ذلك (2245) شروط ثمانية. أحدها مقدارها والثاني وقت استعمالها والثالث سن مستعملها والرابع غذاؤه المتقدم والخامس سخنته والسادس مزاجه والسابع الوقت الحاضر والثامن حال الأعضاء المؤوفة إن كانت موجودة. أما * مراعاة (2246) مقدارها فيعرف * من ثلاثة أشياء (2247) أحدها القوة المدبرة للبدن فإنها متى كانت قوية فالواجب أن يكثر مقدارها ومتى كانت ضعيفة فالواجب أن يقلل ومتى كانت متوسطة فالواجب أن تكون متوسطة. والثاني ما في البدن من الفضل فإنه متى كان متوفرا فالواجب تكثيرها ومتى كان قليلا * فالواجب (2248) تقليلها ومتى كان PageVW5P123B متوسطا فمتوسط. والثالث العادة فإن من الناس من اعتاد نوعا من الرياضة فهو أجود له من باقي * الأنواع من (2249) الرياضات. فإن مثل هذا النوع أنفع لهذا * الشخص (2250) لما ستعرفه. وأما وقت تركها فهو عند حصول الأعياء. وأما * مراعاة (2251) وقت استعمالها فهو بعد انهضام الغذاء المستعمل بالأمس وقد ابتدأت الطبيعة ترتاح إلى غذاء آخر. ويعرف هذا من لون البول فإنه إن كان * أبيض (2252) فالغذاء الكائن في العروق لم ينهضم بعد ومتى كان أترجيا فقد انهضم وتم هضمه. وأما وقت تجنبها فلا ينبغي أن يستعمل عند احتباس الطبع والبول ولا عندما يكون البدن ممتلئا فضولا رديئة ولا عند امتلاء المعدة ولا عند خلوها ولا بعد الحمام ولا بعد الإسهال ولا بعد الفصد. وأما مراعاتها بحسب الأسنان فالصبيان حاجتهم إلى القصيرة والضعيفة أشد من حاجتهم إلى باقي أنواع الحركة. * والشبان (2253) أوفق أنواع الرياضة لهم القوية والكهول الطويلة موافقة لهم والمشايخ القصيرة موافقة لهم. أما مراعاتها بحسب الغذاء المتقدم فإنه متى كان لطيفا أو قليلا * فالواجب (2254) أن يستعمل القصيرة أو الضعيفة، ومتى كان غليظا أو كثيرا * فالواجب (2255) أن يستعمل الطويلة أو القوية. وأما مراعاتها بحسب السخنات فالسخيف أوفق أنواع الرياضة له القصيرة أو الضعيفة والملزز الطويلة أو القوية. وأما * مراعاتها بحسب (2256) الأمزجة فأصحاب الأمزجة الحارة اليابسة القصيرة موافقة لهم وأصحاب الأمزجة الباردة الرطبة القوية * أو الطويلة (2257) أوفق لهم. وأما * مراعاتها بحسب (2258) الوقت * الحاضر (2259) فالصيف أوفق * أنواع الرياضات (2260) فيه الضعيفة * والشتاء (2261) القوية والربيع الطويلة * والخريف (2262) القصيرة. وأما مراعاتها بحسب الأعضاء الضعيفة فمتى كان في البدن عضو مؤوف فالواجب أن يسكن في الحركة لئلا ينصب إليه مادة تؤذيه وتورمه.
البحث الخامس:
في الحراكات النفسانية. القوة الحيوانية تنقسم عند الأطباء إلى فاعلة ومنفعلة. فالفاعلة هي التي تبسط القلب والشرايين وتقبضها والمنفعلة هي التي تكون بها الغضب والفزع وغير ذلك. فإن قيل: كيف يجوز أن PageVW1P070A يكون الشيء الواحد فاعلا ومنفعلا وهذا قد * أبطل (2263) في الحكمة؟ فنقول: القوة الحيوانية تستحيل أن تكون منفعلة بل تسميتنا لها بذلك * إما (2264) من جهة إعدادها للبدن لقبول آثار الحياة فإن هذا القوة شأنها هذا الأمر على ما أوضحناه في شرحناه لكليات القانون، وإما من جهة * إعدادها (2265) * للروح (2266) الحيواني للانفعال * عما (2267) يتصور في أذهاننا مما يجوب ذلك، غير أنه بقي علينا شيء لا بد من بيانه وهو كيفية انتساب هذه الأمور إلى القوة الحيوانية * هل (2268) هو بمعنى أنها علة فاعلية * لها أو بمعنى أنها علة صورية لها أو PageVW5P124A بمعنى أنها علة مادية لها أو بمعنى أنها غائية لها فلا جائز أن يكون علة فاعلية (2269) لأن الفاعل لهذه الأمور القوى الدراكة باتفاق الفلاسفة والأطباء ولا جائز أن يكون * علة (2270) صورية لأن * صور (2271) هذه الأمور هو غليان دم القلب وانبعاثه إلى خارج على حالة مخصوصة في * الفرح (2272) وفي * الغضب (2273) على حالة أخرى. وكذلك كل واحد من الأمور المذكورة ولا جائز أن يكون علة غائية لها لأن غاية هذه الأمور إما لانتقام من المؤذي أو الإتحاد * بالملذ (2274) أو غير ذلك، ولا جائز أن يكون علة مادية لها أي علة قابلية * لاستحالة (2275) أن يكون الشيء الواحد قابلا وفاعلا فبقي أن يكون وجه انتسابها إليه جعلها للروح قابلة لها.
البحث السادس:
لقائل أن يقول هاهنا سؤالان. أحدهما أن يقال: كما أن هذه القوة تعد الروح الحيواني * للانفعال (2276) * المذكور (2277) فكذلك تعد لأمور أخر على * ما ذهب إليه (2278) الطبيب. فالدماغ * تعده (2279) لقبول القوى النفسانية والكبد لقبول القوى الطبيعية. وأما على مذهب الفيلسوف فلصدور الأفعال. فاقتصار الأطباء على انتساب هذه الأمور إلى القوى الحيوانية دون الأمور الأخر * ترجيح (2280) غير مرجح وذلك محال. وثانيهما أن القوة الحيوانية كما أنها علة معدة لها فكذلك القوى النفسانية علة فاعلية لها فليس انتسابها إلى القوة الحيوانية أولى من انتسابها إلى القوة النفسانية. والجواب عن الأول * نقول (2281) : إنما * تنسب (2282) الأمور المذكوة إلى القوة الحيوانية دون غيرها وذلك لأن القوة الحيوانية لا يحتاج في علتها القابلية الأرواح لهذه الأمور * إلى (2283) الانتقال إلى عضو آخر كحال القوى النفسانية والطبيعية * أو أفعالهما (2284) . فإن صدور ذلك موفوق على الورود إلى الدماغ والكبد. والجواب عن الثاني نقول: إنما نسبنا الأمور المذكورة إلى القوة الحيوانية ولم ننسبها إلى القوة النفسانية. وذلك لأن القوة الحيوانية هي المعدة للحياة ولآثارها. وهذه من آثار الحياة بخلاف القوى النفسانية فإنها إنما تحصل بعد القوة الحيوانية. فلذلك نسبت الأمور المذكورة إلى هذه القوة * ولم تنسب إلى (2285) غيرها.
البحث السابع:
في تعريف كل واحد من الأمور المذكورة. أما الغضب فهو كيفية نفسانية تصبحها حركة الروح والحرارة الغريزية إلى ظاهر البدن دفعة مع فوران. أما حركتها إلى ظاهر * البدن (2286) فلأجل الانتقام * أو (2287) من المؤذي. وأما دفعة فخوفا من الفوت. وأما مع فوران فطلبا للغلبة. وأما الفرح فهو كيفية نفسانية تتبعها حركة الروح والحرارة الغريزية إلى * ظاهر (2288) البدن * طلبا (2289) قليلا قليلا. أما إلى * ظاهر البدن (2290) فللاتحاد بالملذ. وأما قليلا قليلا فلأجل التلذذ. وأما الفرح فهو كيفية نفسانية تصحبها حركة الروح PageVW5P124B والحرارة الغريزية إلى داخل البدن دفعة. أما حركتها إلى داخل البدن فخوفا من المؤذي ثم أنها لا تأيس من * الأذى (2291) الشديد فيتحرك دفعة. وأما الغم فهو كيفية نفسانية تتبعها حركة الروح والحرارة الغريزية إلى داخل البدن قليلا قليلا. أما الحركة إلى داخل * البدن (2292) فخوفا من المؤذي. وأما قليلا قليلا فلأن ما يتوقع من المؤذي قد وقع ولم يخف حصول شيء بعده. وأما الهم فهو كيفية نفسانية تتبعها حركة الروح والحرارة الغريزية إلى داخل البدن وخارجه * لا (2293) معا. وذلك لأنه يتوقع * فيه (2294) إما خير يقع * وإما (2295) سوء منتظر. فهو مركب من خوف ورجاء. فأيهما غلب على الفكر تحركت النفس إلى جهته فإن غلب الخير تحركت إلى خارج البدن، وإن غلب السوء * المنتظر (2296) تحركت إلى داخل البدن. ولما كان حاله كذلك قيل إنه جهاد فكري. وأما الخجل فهو كيفية نفسانية تتبعها حركة الروح والحرارة الغريزية إلى داخل البدن وخارجه * لا (2297) معا. وذلك لصدور أمر قبيح فيعرض منه جبن وتنقبض الحرارة الغريزية إلى داخل البدن ويعتري صاحبه ما يعترى صاحب الغم من هروب الروح والحرارة بحيث * أنه (2298) لا يقدر على مخاطبة من هو أعلى منه ويصفر * اللون (2299) ثم أن الفكر ينبه النفس ويشجعها على أن الأمر الصادر مما لا خوف منه فتعود الحرارة والروح إلى * ظاهر (2300) البدن ويحمر اللون أكثر * مما (2301) كان لاستصحابها * ما كان (2302) في باطن البدن من الدم والروح. وبهذا يفارق * الخجل الغم (2303) . فهذا تعريف كل واحد منها. ويمكن أن يذكر لها * حصر (2304) وهو أن يقال : الحركة المذكورة إما إلى داخل البدن * وإما (2305) إلى * خارجه (2306) وإما إلى داخل والخارج * لا (2307) معا. والخارجة والداخلة * إما (2308) دفعة * وإما (2309) قليلا قليلا. فهاهنا أقسام أربعة: الخارجة دفعة وهو العضب، والخارجة قليلا * قليلا وهو (2310) الفرح، والداخلة دفعة وهو الفزع، والداخلة قليلا قليلا * وهو (2311) الغم والمترددة إلى داخل وخارج * لا (2312) معا * وهما (2313) الهم والخجل * فصارت (2314) الأقسام ستة، * والله أعلم (2315) .
49
[aphorism]
قال أبقراط: من اعتاد تعبا ما فهو * وإن (2316) كان ضعيف البدن أو شيخا فهو أحمل لذلك التعب * الذي اعتاده (2317) ممن لم يعتده وإن كان قويا شابا.
صفحه نامشخص