[commentary]
قال عبد اللطيف: الناقه (28) هو الذي ذهب عنه المرض بأعراضه وبقي الضعف وأثر الذوبان الذي أكسبه المرض. ومعنى ينال: يشتهي الطعام ويرزأ منه. ومعنى كونه يقوى به، أن يتراجع به إلى حال الصحة، وصرح بقوله به لأنه هو الذي ينبغي أن يكون السبب الفاعل لقوة البدن ورده إلى حال الصحة. وقوله: "يحمل على بدنه"، أي يزيد في كمية الغذاء زيادة فوق القوة فلا تفي بها، والغذاء إذا لم تف به القوة كان ثقلا على الطبيعة وألبا، وربما لم يكن (29)لم يقو فقط بل يزيد البدن ضعفا. وقوله: ذلك، إشارة إلى قوله: ليس يقوى به، أي: وإذا كان الناقه ليس يقوى به مع كونه ينال من الطعام ويرزأ منه، فذلك يدل على أن بدنه مملوء أخلاطا (30) رديئة تفتقر إلى استفراغ وتنقية. والاستفراغ يكون بالفصد إن كان الامتلاء من سائر الأخلاط، وبإسهال الخلط الغالب إن كان. وجالينوس PageVW1P023B يصل (31) هذا الفصل بالفصل الثالث (32) بعده حتى يكون القول هكذا: وإذا كان ذلك، وهو (33) لا ينال منه، دل على أن بدنه يحتاج إلى استفراغ، وذلك أن البدن الذي ليس بنقي كلما غذوته إنما تزيده شرا، بحيث يصير هذا القول علة الفصل (34) الآتي، ويمكن أن يكون هذا الفصل مستقلا لا يفتقر إلى غيره.
[فصل رقم 34]
[aphorism]
قال أبقراط: كل بدن تريد تنقيته، فينبغي أن تجعل ما تريد إخراجه منه يجري فيه بسهولة.
[commentary]
قال عبد اللطيف: التنقية إنما تطلق على استفراغ خلط ردئ الكيفية بالإسهال PageVW0P026A أكثر ذلك، وأما الاستفراغ PageVW2P028A فيطلق على كل (35) تنقيص من البدن بأي وجه كان. وإذا أردت أن تجعل ما تريد إخراجه من البدن يجري فيه بسهولة فلطف الأخلاط ورقق منها ما يمكن أن يترقق وقطع (36) منها PageVW3P031B ما كان غليظا (37) لزجا ووسع المجاري وفتحها إن كانت مسددة أو ضيقة وقو (38) الطبيعة إن كانت ضعيفة، فإن عسر إخراج الخلط قد يقع إما من جهة غلظه فلا ينطاع ولا ينقاد، وإما من قبل ضيق المجاري فلا ينفذ، وإما من قبل ضعف الطبيعة عن الدفع، فإذا زالت الموانع عن الخلط الذي يقصد إخراجه تسهلت (39) سبيله، وجملة هذا يسمى التدبير الملطف. وقد ظن قوم أن تسهيل سبيل القيء أن تهيجه بدواء القيء مرارا (40) متواترة. وتسهيل سبيل الإسهال أن يلين البطن مرارا (41) متواترة حتى تصير المسالك مستعدة متهيئة، ومن اقتصر على هذا دون التلطيف كان وقوع ما يروم عسرا شاقا، وكثيرا ما يعرض منه الغشى والكرب والدوار والمغص وسوء النبض (42) والجهد الشديد. فأما إن استعملت التلطيف والتفتيح كان الإسهال والقيء على أفضل حالتهما وينقى البدن باستقصاء وعلى أفضل الوجوه وأسهلها (43)، وذلك أن الطبيعة حينئذ تصير هي الفاعلة من ذاتها، وأما إن عنفت عليها وأكرهتها فإما أن لا تفعل ولا تجيب، وإما أن تجيب (44) بمشقة؛ وكل فعل يشق على الطبيعة فإنه يضعفها ويجهدها ولا يحصل كاملا.
[فصل رقم 35]
[aphorism]
قال أبقراط: البدن الذي ليس بالنقي، كلما غذوته إنما تزيده شرا.
صفحه نامشخص