============================================================
الوقوف على الحكم البشرية، إذ العقل جزء من أجزاء العالم(1)، فكيف يحيط بالحكم الربوبية ما هو جزء من أجزاء عالمه؟
امن اشتبه عليه شيء يرجع إلى الله تعالى ولا يخالف المحكمات ] وأما قوهم: (ورد علم ما اشتبه عليه علمه إلى عالمه)، فإنما قالوا ذلك لوجوب الايمان بالآيات المتشابهات، والأحاديث المتشابهة الثابتة بالنقل المتواتر، من غير حمل إياها على مخالفة النصوص المحكمة الموجبة للعلم، ومن غير إيقاع المناقضة بئن خجج الحكيم القديم، فإن قوما تأولوا بآرائهم فعطلوا، وقوما حملوها على ظواهرها فوقعوا في التشبيه والتجسيم، فصاروا معطلة من حيث المعنيل، لأن صانع العالر ليس بجسم ولا جوهر ولا عرضي، ولأنه لا مشابهة بينه وبين شيء من العالمر وخاصية الأجسام التركب، والتركب محقق من الأجزاء والأبعاض، فكان الجسم مبعضا متجريا، ولا يجوز أن يكون الباري كذلك، إذ التركيب لا بد له من مركب، فمن قال: إنه جسم، فقد أبطل الوهيته وجعله مصنوعا.
وأما الجوهر فعبارة عن الأصل القابل للتركب، فلو كان الباري جوهرا لكان محلا للحوادث، وذلك محال، لأن قبول الحوادث من أمارات الحدث، بدليل أن الجوهر لا ينفك عن الأكوان، والأكوان إما أن تكون متحركا أو ساكنا، فلا تنفك عن التغير، (1) في الأصل: العلم.
صفحه ۱۰۱