شرح العقيدة الطحاوية

Ibn Abi al-Izz d. 792 AH
46

شرح العقيدة الطحاوية

شرح العقيدة الطحاوية

پژوهشگر

أحمد شاكر

ناشر

وزارة الشؤون الإسلامية

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤١٨ هـ

محل انتشار

والأوقاف والدعوة والإرشاد

وَاطِّلَاعُهُ عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَا يَغِيبُ عَنْهُ ذَرَّةٌ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ بَاطِنًا وَظَاهِرًا: وَمَنْ هَذَا شَأْنُهُ كَيْفَ يَلِيقُ بِالْعِبَادِ أَنْ يُشْرِكُوا بِهِ، وَأَنْ يَعْبُدُوا غَيْرَهُ، وَيَجْعَلُوا مَعَهُ إِلَهًا آخَرَ؟ وَكَيْفَ يَلِيقُ بِكَمَالِهِ أَنْ يُقِرَّ مَنْ يَكْذِبُ عَلَيْهِ أَعْظَمَ الْكَذِبِ، وَيُخْبِرَ عَنْهُ بِخِلَافِ مَا الْأَمْرُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَنْصُرَهُ عَلَى ذَلِكَ وَيُؤَيِّدَهُ وَيُعْلِيَ شَأْنَهُ، وَيُجِيبَ دَعْوَتَهُ وَيُهْلِكَ عَدُوَّهُ، وَيُظْهِرَ عَلَى دينه مِنَ الْآيَاتِ وَالْبَرَاهِينِ مَا يَعْجِزُ عَنْ مَثَلِهِ قُوَى الْبَشَرِ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ كَاذِبٌ عَلَيْهِ مُفْتَرٍ؟! وَمَعْلُومٌ أَنَّ شَهَادَتَهُ سُبْحَانَهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَقُدْرَتَهُ وَحِكْمَتَهُ وَعِزَّتَهُ وَكَمَالَهُ الْمُقَدَّسَ يَأْبَى ذَلِكَ، وَمَنْ جَوَّزَ ذَلِكَ فَهُوَ مِنْ أَبْعَدِ النَّاسِ عَنْ مَعْرِفَتِهِ. وَالْقُرْآنُ مَمْلُوءٌ مِنْ هَذِهِ الطَّرِيقِ، وَهِيَ طَرِيقُ الْخَوَاصِّ، يَسْتَدِلُّونَ بِاللَّهِ عَلَى أَفْعَالِهِ وَمَا يَلِيقُ بِهِ أَنْ يَفْعَلَهُ وَلَا يَفْعَلَهُ. قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ﴾ ﴿لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ﴾ ﴿ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ﴾ ﴿فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ﴾ (١)، وَسَيَأْتِي لِذَلِكَ زِيَادَةُ بَيَانٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَيَسْتَدِلُّ أَيْضًا بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ عَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ وَعَلَى بُطْلَانِ الشِّرْكِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ (٢). وَأَضْعَافُ ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ. وَهَذِهِ الطَّرِيقُ قَلِيلٌ سَالِكُهَا، لَا يَهْتَدِي إِلَيْهَا إِلَّا الْخَوَاصُّ. وَطَرِيقَةُ الْجُمْهُورِ الِاسْتِدْلَالُ بِالْآيَاتِ الشَّاهِدَةِ، لِأَنَّهَا أَسْهَلُ تَنَاوُلًا وَأَوْسَعُ. وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ يُفَضِّلُ بَعْضَ خَلْقِهِ عَلَى بَعْضٍ. فَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ قَدِ اجْتَمَعَ فِيهِ مَا لَمْ يَجْتَمِعْ فِي غَيْرِهِ، فَإِنَّهُ الدَّلِيلُ وَالْمَدْلُولُ عَلَيْهِ، وَالشَّاهِدُ وَالْمَشْهُودُ. قَالَ تَعَالَى لِمَنْ طَلَبَ آيَةً تَدُلُّ عَلَى صِدْقِ رَسُولِهِ:

(١) سورة الْحَاقَّةِ الآيات: ٤٤ - ٤٧. (٢) سورة الْحَشْرِ آية: ٢٣.

1 / 49