شرح العقيدة الطحاوية
شرح العقيدة الطحاوية
پژوهشگر
أحمد شاكر
ناشر
وزارة الشؤون الإسلامية
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤١٨ هـ
محل انتشار
والأوقاف والدعوة والإرشاد
ژانرها
عقاید و مذاهب
فَأَيُّ آيَةٍ وَبُرْهَانٍ أَحْسَنُ مِنْ آيَاتِ الْأَنْبِيَاءِ وَبَرَاهِينِهِمْ وَأَدِلَّتِهِمْ؟ وَهِيَ شَهَادَةٌ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ بَيَّنَهَا لِعِبَادِهِ غَايَةَ الْبَيَانِ.
وَمِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى"الْمُؤْمِنُ"وَهُوَ فِي أَحَدِ التَّفْسِيرَيْنِ: الْمُصَدِّقُ الَّذِي يُصَدِّقُ الصَّادِقِينَ بِمَا يُقِيمُ لَهُمْ مِنْ شَوَاهِدِ صِدْقِهِمْ، فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُرِيَ الْعِبَادَ مِنَ الْآيَاتِ الْأُفُقِيَّةِ وَالنَّفْسِيَّةِ مَا يُبَيِّنُ لَهُمْ أَنَّ الْوَحْيَ الَّذِي بَلَّغَهُ رُسُلُهُ حَقٌّ. قَالَ تَعَالَى: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ﴾ (١)، أَيِ الْقُرْآنَ، فَإِنَّهُ الْمُتَقَدِّمُ فِي قَوْلِهِ: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾ (٢)، ثُمَّ قَالَ: ﴿أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ (٣).
فَشَهِدَ سُبْحَانَهُ لِرَسُولِهِ بِقَوْلِهِ أَنَّ مَا جَاءَ بِهِ حَقٌّ، وَوَعَدَ أَنَّهُ يُرِي الْعِبَادَ مِنْ آيَاتِهِ الْفِعْلِيَّةِ الْخَلْقِيَّةِ مَا يَشْهَدُ بِذَلِكَ أَيْضًا. ثُمَّ ذَكَرَ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ وَأَجَلُّ، وَهُوَ شَهَادَتُهُ سُبْحَانَهُ بِأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ، فَإِنَّ مِنْ أَسْمَائِهِ"الشَّهِيدَ"الَّذِي لَا يَغِيبُ عَنْهُ شَيْءٌ، وَلَا يَعْزُبُ عَنْهُ، بَلْ هُوَ مُطَّلِعٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُشَاهِدٌ لَهُ، عَلِيمٌ بِتَفَاصِيلِهِ، وَهَذَا اسْتِدْلَالٌ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، وَالْأَوَّلُ اسْتِدْلَالٌ بِقَوْلِهِ وَكَلِمَاتِهِ، وَاسْتِدْلَاله بِالْآيَاتِ الْأُفُقِيَّةِ وَالنَّفْسِيَّةِ اسْتِدْلَالٌ بِأَفْعَالِهِ وَمَخْلُوقَاتِهِ.
فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ يُسْتَدَلُّ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، فَإِنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِذَلِكَ لَا يُعْهَدُ فِي الِاصْطِلَاحِ؟
فَالْجَوَابُ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَوْدَعَ فِي الْفِطْرَةِ الَّتِي لَمْ تَتَنَجَّسْ بِالْجُحُودِ وَالتَّعْطِيلِ، وَلَا بِالتَّشْبِيهِ وَالتَّمْثِيلِ، أَنَّهُ سُبْحَانَهُ الْكَامِلُ فِي أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، وَأَنَّهُ الْمَوْصُوفُ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ وَوَصَفَهُ بِهِ رُسُلُهُ، وَمَا خَفِيَ عَنِ الْخَلْقِ مِنْ كَمَالِهِ أَعْظَمُ وَأَعْظَمُ مِمَّا عَرَفُوهُ مِنْهُ، وَمِنْ كَمَالِهِ الْمُقَدَّسِ شَهَادَتُهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
_________
(١) سورة فُصِّلَتْ آية: ٥٣.
(٢) سورة الأحقاف آية: ١٠.
(٣) سورة فُصِّلَتْ آية: ٥٣.
1 / 48