شرح البالغ المدرك
شرح البالغ المدرك
ژانرها
وأما قوله عليه السلام : (فأما أحكامهم فماكان جميعا منها حقا فإنه يقر وماكان باطلا ينقض) يعني أحكام أهل البغي إذا صارت في يد من حكم لهم بها، وظهر الإمام عليهم فاستولى على بلادهم، فإذا رفع إليه حكمهم فعل ذلك، فإما أن يولي قضاة المخالفين، ويجعل أحكام الشريعة إلى غير أهل الدين، فهذا مالايحل له أن يفعله في المسلمين، لأن هذا يكون تشريفا لهم وإلزاما، ورفعا لمنزلتهم وإعظاما، وعليه أن يعزلهم عن القضاء، ويهينهم على قدر مايرى، ليكون ذلك أقرب إلى الولاء والبراء، حتى يسلس له في قياده، ويعرف منه الرجوع عن فساد اعتقاده.
ولقد علمنا في زماننا ورأينا ونقل عن غير واحد إلينا من هؤلاء الشافعية والحنفية من التنقير في الفروع والإمعان في الاستدلالات فيها والتضليل لبعضهم بعضا، والتشديد في ذلك، مع إجماعهم أن بعضهم لايرى الصلاة خلف من علم منه خلافا في ذلك، مع إجماعهم أن الفروع أهون مأخذا وأبعد من المآثم، والأصول هي تقتضي التشديد، فقالوا فيمن اشترى عشرين بيضة ووجدوا فيها بيضة مذرة قولا بسيطا. وقالوا فيمن اشترى شاة فوجدها مصراة، فأوردوا فيها من المسائل ماملأ الأوراق، وتجاوز الإسهاب والإغراق، فإذا جاءوا إلى مسائل الأصول وذكروا أدلتها وبيان مانبه الله على عظمته ووحدانيته، وعلى البعث والنشور، وعلى صدق النبيئين والمرسلين، وعلى إثبات معجزاتهم وآياتهم، وجدتهم خرسا لاينطقون إلا همسا.
صفحه ۱۰۲