236

فبوضعه في محفل الكون يحصل من الخيرات ما لا يحصى وينجح المطالب ويظفر بالمأرب وهو سيد الكواكب ثم عدم رفع كثير من الناس رؤوسهم إليه وعدم اعتبارهم به وانه كيف خير يستفيض بفيضه من ضيائه وحره كل المركبات من أعجب العجايب فإنه لو كان رجل خير ينتفع به أهل بلدة صار نصب أعينهم وطفقوا يذكرون شمايله ويعدون فضايله مع أن المنتفعين به قليلون وانتفاعاتهم قليلة وفيضه عليهم في معرض الزوال بخلافه فان فيضه على الكل بنسبة واحدة وعلى سبيل اللزوم كاستواء نسبة مبدئه ولزوم فيضه ثم مع ذلك لا يقولون ما هو ولم هو ولا يعظمون لخالقه من هذا الباب ولا ينتقلون منه إلى نفسه ومنها إلى عقله وهو المسمى بسهرير عند حكماء الفرس واهل الاشراق ومنه إلى مبدئه وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون يا من جعل القمر نورا قد يخص في اصطلاح خاص النور بالعارض قال تعالى جعل الشمس ضياء والقمر نورا وهما بحسب التأويل بوجه العقل والنفس وبوجه النبي والولي فان النبي شمس محفل الوجود والإفاضة والولي يكتسب منه نور الشريعة يا من جعل الليل لباسا يا من جعل النهار معاشا يا من على النوم سباتا أي قطعا للأعمال والتصرفات التي في اليقظة لان السبات لغة قطع العمل للراحة ومنه يوم السبت أي يوم قطع العمل كما في شرع موسى (ع) أو جعل النوم سباتا لا موتا على الحقيقة إذ ليس فيه اعراض النفس بالكلية إذ لا يقعد سوى القوى الحساسة الظاهرة وبعض القوى المحركة عن شغلها كالقوى الطبيعية والنباتية والحواس الباطنة أو جعل النوم راحة ودعة للأجساد والمعاني الثلاثة ذكرها المفسرون في قوله تعالى وجعلنا نومكم سباتا والغرض انه لا يلزم حمل الشئ على نفسه واما بيان كون النوم راحة ودعة فهو ان النوم حال يعرض للحيوان يقف فيه النفس عن استعمال الحواس الظاهرة والحركات الإرادية ويلزمه رجوع الروح النفساني وانقطاعه عن الآلات إلى المبدء لا بالكلية بل ينبعث منه شئ يسير إليها وبحسب ذلك يكون استغراق النوم وعدم استغراقه والطبيعي منه ما يكون لغرض هو اجتماع الروح الحيواني في الباطن طلبا للدعة والراحة فان الروح البخاري جسم لطيف سهل التحلل فلو استمرت اليقظة لتحلل بالكلية وفنى لان اليقظة انما يتم باعمال القوى النفسانية التي هي الاحساس والتحريك الإرادي وهذه انما يتم بحركة الروح النفساني والحركة محللة

صفحه ۲۳۶