200

الصوري وطلاب الجمال السرمدي قاطبة حيث إن أهل السلوك في كلامه ما عدا الأنبياء والأولياء مع أنه خلاف المشهور ليس أولي من تعميم المقربين بل هذا أولي لانهم أيضا من أهل القرب وان فضل بعضهم على بعض لان جميعهم عشاق جماله وطلاب وصاله وليسوا قاصري الهمم على محبة الحور والقصور واما مراتب السير فلنشر إليها لتكون على بصيرة فنقول قال العارف الكامل كمال الدين عبد الرزاق الكاشاني المحقق لاصطلاح العرفاء الاسفار أربعة الأول هو السير إلى الله من منازل النفس إلى الوصول إلى الأفق المبين وهو نهاية مقام القلب ومبدء التجليات الأسمائية والثاني هو السير في الله بالاتصاف بصفاته والتحقق بأسمائه إلى الأفق الاعلى ونهاية الحضرة الواحدية والثالث هو الترقي إلى عين الجمع والحضرة الأحدية وهو مقام قاب قوسين الاثنينية فإذا ارتفعت فهو مقام أو أدنى وهو نهاية الولاية والرابع هو السير بالله عن الله للتكميل وهو مقام البقاء بعد الفناء والفرق بعد الجمع انتهى يا أنيس المريدين يا حبيب التوابين يا رازق المقلين رجل مقل أي فقير يا رجاء المذنبين يا قرة عين العابدين قال بعض أهل اللغة حقيقة أقر الله عينه برد الله دمع عينه لان دمعة الفرح والسرور باردة وقال بعضهم معناه بلغه أمنيته حتى ترضى نفسه وتسكن فلا تستشرف إلى غيره فعلى القول الأول كان من القر بالضم بمعنى البرد وعلى القول الثاني كان من قر بالمكان يقر بالفتح والكسر قرارا وقرورا وقرا وتقرة أي ثبت وسكن لكن على هذا القول ينبغي ان يكون قرة العين بفتح القاف مع أن في القران قرة عين لي ولك بالضم ثم ليس المراد بالعابدين الاجراء الذين تقر أعينهم بغيره وتطمئن قلوبهم بما سواه بل ليست عباداتهم الا أمثلة العبادات كما عرفت انما المراد العابدون الذين هم عبيده بالحقيقة فان العرفاء ثلثوا القسمة وقالوا العبادة للعامة وهو التذلل لله تعالى والعبودية للخاصة الذين صححوا النسبة إليه تعالى بصدق القصد إليه في سلوك طريقه والعبودة لخاصة الخاصة الذين شهدوا نفوسهم قائمة بالحق في عبودتهم فهم يعبدونه في مقام أحدية الجمع والفرق ثم على المعنى الأول لقرة العين معناه هنا انه تعالى برد البهجة لعين العبيد من العابدين كما أنه برد اليقين لبصاير قلوبهم فحيث تأجج أفئدتهم بنار نور التجلي وناولهم ساقي المحبة الكاس الزنجبيلي من راح عشق الجمال الذي كان مزاجها هيبة الجلال وكما قال يسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا مزجها

صفحه ۲۰۰