153

شرح المواقف

شرح المواقف

ژانرها

============================================================

المرصد الرابع - في إثبات العلوم الضرورية الحسيات لأنها فرعها) وذلك لأن الإنسان في مبدأ الفطرة خال عن الإدراكات كلها، فإذا استعمل الحواس في الجزثيات تنبه لمشاركات بينها ومباينات، وانتزع منها صورا كلية يحكم على بعضها ببعض إيجابا أو سلبا، إما ببديهة عقله كما في البديهيات، او بمعاونة شيء آخر كما في سائر الضروريات، والنظريات فلولا إحساسه بالمحسوسات لم يكن له شيء من التصورات والتصديقات (ولذلك) قيل: (من فقد حسا فقد علما) متعلقا بذلك الحس ابتداء أو بواسطة (كالاكمه) فإنه لا يعرف حقائق الألوان قوله: (عن الإدراكات كلها) فإن توقش بانا لا نسلم خلوه عن إدراك نفسه خص الإدراكات بالحصولية قوله: (تتبه لمشاركات بينها إلخ) يعني آن إحساس الجزئيات شرط يتوقف عليه التنبه والانتزاع المذكوران، فتكون البديهيات فرعا للحسيات، ولكون المقصود هاهنا إثبات الفرعية ترك الواو في قوله تتبيه، وعطف الانتزاع عليه، وجعل المجمرع جزاء لقوله: فإذا استعمل بخلاف ما وقع في حاشية المطالع بالواو، يفيض عليه من المبدا الفياض تلك الصور، وحاصله أن بعد حصول الصور المحسوسة في الخيال إذا تنبه النفس تتوسط القوة المتصرفة لما بين تلك الصور من الأمور التي بها المشاركة بينها، والأمور التي بها المباينة بينها في ضمن تلك الصور الجزئية، استعدت لأن يفيض عليها من المبدا الفياض صور مجردة من اللواحق المادية، والغواشي الغريبة، فالمتنبه به هي تلك الصور والإدراكات من حيث حصلها في ضمن الصور الخيالية، والمفاض عليها الصور الكلية الحاصلة في ذاتها فتدبر، فإنه مما خفي على أقوام وقالوا: بما لا يرضى بسماعه: الآذان الكريمة، وإن شئت تفصيله فارجع إلى تعليقاتي على حواشي المطالع.

قوله: (فانه لا يعرف الخ) يعني أنه فاقد للعلوم التصورية والتصديقية المترتبة على إحساس الجزئيات، فما قيل يجوز حصول العرفان بحقائقها والحكم باختلاف حقائقها بطريق آخر مما لا ورود له: الاقتران بمن قلت، قد حققت في حاشية المطول ان افعل التفضيل قد يقصد به آن صاحبه متباعد عن الخير في أصل الفعل، متزايد، إلى كماله فيه لا بمعنى تفضيله بالنسبة إليه بعد المشاركة في اصل الفعل، وإنه المعنى الأوضح في الأفاعل في صفاته تعالى نحو: الله اكبر وامثاله، فالعنى هاهنا البديهيات متباعدة في الضعف عن الحسيات متزايدة فيه إلى كماله.

قوله: (عن الإدراكات كلها) لا شك في الخلو بالنسية إلى الإدراكات الانطباعية، وأما بالنسبة إلى العلم الحضوري فلا خلو لأن علم النفس بذاتها عين ذاتها عند الفلاسفة، ولا يعقل خلو الشيء عن نفسه: قوله: (تنبه لمشاركات بينها ومباينات إلخ) اعترض عليه بأن الأمور المشتركة هي عين تلك الصور، فالتنبه للمشاركات هو التنبه لتلك الصور وانتزاعها لا مغاير لها، ومقدم على انتزاعها كما هو الظاهر من العبارة، والموافق لما ذكره في حواشيه على المطالع، وأجيب بأن

صفحه ۱۵۳