شرح ادب کاتب
شرح أدب الكاتب
ناشر
دار الكتاب العربي
محل انتشار
بيروت
أر إنسانًا هيج شوقة صوت حمامة ولا عربيا مثلي شاقه صوت أعجم وهو الذي لا يفصح وذلك أن العربي لا يهتدي إلى غناء الأعجمي فلا يطرب له فإذا أطربه غناؤه فذاك متناهي الحسن وعنى بالأعجم الحمامة ويروى ولم أر محزونا له مثل صوتها أي لم أر محزونا أملح صوتا من صوتها.
وأنشد أبو محمد للنابغة الذبياني واسمه زياد ويكنى أبا إمامة:
وأحكم كحكم فتاة الحي إذ نظرت ... إلى حمام سراع وارد الثمد
قالت إلا ليتما هذا الحمام لنا ... إلى حمامتنا ونصفه فقد
فحسبوه فألفوه كما وجدت ... ستًا وستين لم ينقص ولم يزد
فكملت مائة فيها حمامتها ... وأسرعت حسبة في ذلك العدد
ليت الحمام ليه إلى حمامتيه ... ونصفه قديه تم الحمام ميّه
يخاطب النعمان ويعتذر إليه مما بلغه عنه. أحكم أي كن حكيما والحكم الحكمة مثل نعم ونعمة ونحل ونحلة تقول أحكم كحكم فتاة الحي إذ أصابت فوضعت الأمر موضعه وهي لم تحكم بشيء إنما قالت شيئا كانت فيه حكيمة يقول فأصب أنت في الأمر ولا تقبل ممن سعى عليّ وقال الأصمعي سمعت ناسا بالبادية يحدثون أن ابنة الخس كانت قاعدة في جوار فمر بها قطا وارد في مضيق من الجبل فقالت:
يا ليت ذا القطا لنا ومثل نصفه معه ... إلى قطاة أهلنا إذًا لنا قطًا مائه
فاتبعت القطا فعدت على الماء فإذا هي ست وستون. وقال أبو عبيدة زرقاء اليمامة كان اسمها اليمامة فسميت جو اليمامة وقال ابن الكلبي اسمها عنز وكانت زرقاء فنسبت إلى اليمامة وكانت من بقية طسم وجديس وكانوا من ساكني اليمامة وهي إذ ذاك من أخصب البلاد وأكثرها خيرا فمر بها سرب من قطا على مسيرة ثلاث فنظرت إليها فقالت:
ليت الحمام ليه إلى حمامتيه ... ونصفه قدية تم الحمام ميّة
وكان لها قطاة فنظر فإذا القطا كان ستا وستين وكان وقع في شبكة صياد فعدته وهو يمر بين جبلين حين نظرت إليه وحسبته وأسرعت الحسبة والثمد الماء القليل وقدي أي حسبي وهي كلمة تستعمل كثيرا ولا يعرف استعمالها مع الظاهر وإذا جاءت مع المضمر فإنما يخاطب بها المواجه وحذف النون من
1 / 96