درختی که در بروکلین رشد میکند
شجرة تنمو في بروكلين
ژانرها
واستمر يوم المرح على هذا النحو، وكان هناك برميل صغير من الجعة عند نهاية كل منضدة طويلة، سمح لكل الديمقراطيين الصالحين أن يشربوا منه بلا مقابل، واستولى المرح على فرانسي فراحت تجري وتلعب وتصرخ وتتعارك، شأنها شأن الأطفال الآخرين، وكانت الجعة تفيض كبالوعات بروكلين بعد عاصفة مطيرة، وعزفت فرقة نحاسية في غلظة أغنية «راقصو كيري» و«حينما تبتسم العيون الأيرلندية» و«إنه أنا يا هاريجان»، وعزفت مقطوعة «نهر شانون» والأغنية الشائعة بين عامة نيويورك «الطرق الجانبية في نيويورك».
وكان قائد الفرقة يعلن عن كل أغنية مختارة قائلا: إن فرقة ماتي ماهوني ستعزف الآن ...
وكانت كل أغنية تنتهي بصيحة يطلقها أفراد الفرقة معا «النصر لماتي ماهوني»، وكان المستمعون مع كل كوب يشربون من الجعة يقولون: التحيات لماتي ماهوني.
وكانت كل حادثة تقع ترسم بما يأتي: «سباق الجري لفرقة ماتي ماهوني» و«سباق الفول السوداني لفرقة ماتي ماهوني» وما إلى ذلك من أسماء، واقتنعت فرانسي قبل أن يدبر اليوم بأن ماتي ماهوني كان في الحق رجلا عظيما جدا.
وخطرت لفرانسي في وقت متأخر من العصر فكرة مؤداها، أنها يجب أن تبحث عن السيد ماهوني وتشكره بنفسها، على ما أتاح لهم من وقت ممتع، وظلت تبحث وتبحث، وتسأل وتسأل، ثم حدث شيء غريب؛ لم يكن هناك شخص واحد يعرف ماتي ماهوني، بل لم يكن أحد قد رآه، إنه لم يكن موجودا في الرحلة بلا شك، بيد أن وجوده كان يحس في كل مكان، ولكنه كان رجلا لا يرى بالعين، وقال لها أحد الرجال: من المحتمل ألا يكون هناك شخص يدعى ماتي ماهوني، وإنما كان ذلك هو الاسم الذي يطلقونه على أي رجل يرأس الحزب. وقال لها: إنني أعطي صوتي لهذا الحزب منذ أربعين سنة، وكان المرشح للمنصب دائما هو الرجل نفسه ماتي ماهوني أو رجل آخر غيره، ولكنه يحمل الاسم نفسه، إنني لا أعرف من هو يا بنيتي، وكل ما أعرفه أنني أعطي صوتي للحزب الديمقراطي.
وكانت رحلة العودة هبوطا في نهر الهدسون في تلك الليلة المقمرة رحلة مشهودة، لولا تلك المعارك الكثيرة التي نشبت بين الرجال، وشعر معظم الأطفال بالإعياء وضربة الشمس والقلق، واستغرق نيلي في النوم على حجر أمه، وجلست فرانسي على ظهر السفينة تنصت إلى أمها وأبيها وهما يتحدثان، وسألت كاتي: هل اتفق لك أن عرفت الشاويش ماكشين؟ - إني أعلم من هو؟ إنهم يسمونه الشرطي الأمين، وإن الجمعية تهتم به اهتماما كبيرا، وسوف لا أدهش لو أنه عين عضوا في الجمعية.
ومال إلى الأمام رجل يجلس بجانبهما ولمس ذراع جوني قائلا: إن ماك خليق بأن يتبوأ هذه المكانة. - وماذا تعرف عن حياته؟
وقال جوني: إن حياته تشبه قصة من قصص الكاتب ألجير،
2
لقد جاء من إيرلندا منذ خمس وعشرين سنة، لا يمتلك شيئا سوى صندوق سفر صغير يستطيع أن يحمله على ظهره، واشتغل سجانا، وأخذ يدرس بالليل، ثم التحق بالجيش، وواصل دراسته واجتاز الامتحانات حتى أصبح في النهاية شاويشا. - إني لأحسب أنه تزوج امرأة متعلمة ساعدته في الحياة؟ - لا، لم يفعل ذلك في الواقع، فإنه حين قدم إلى هنا أخذته أسرة أيرلندية، وتولت أمره حتى استطاع أن يقف على قدميه، وتزوجت ابنة الأسرة صعلوكا هرب بعد شهر العسل، واشترك في عراك أدى إلى قتله، وكانت الابنة حاملا، ولم يكن من الممكن إقناع الجيران بأنها قد تزوجت قط، وكانت الأسرة خليقة بأن تحل بها الفضيحة والعار، ولكن ماكشين تزوج الابنة ومنح اسمه للطفل ردا للجميل الذي أسدته إليه الأسرة، ولم يكن زواج حب بمعنى الكلمة، ولكنه كان طيبا جدا معها كما سمعت. - وهل أنجب منها أطفالا؟ - سمعت أنه أنجب أربعة عشر طفلا. - أربعة عشر! - ولكنه ربى أربعة فحسب، يخيل إلي أنهم ماتوا قبل أن يشتد عودهم، وقد ولدوا جميعا مرضى بالسل بعد أن ورثوه عن أمهم، التي أعدتها به إحدى البنات.
صفحه نامشخص