المنتقى من فتاوى الأئمة الأعلام
المنتقى من فتاوى الأئمة الأعلام
ناشر
دار طيبة الخضراء للنشر والتوزيع
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٤٢ هـ - ٢٠٢١ م
محل انتشار
مكة المكرمة - المملكة العربية السعودية
ژانرها
س: هل يحاسب الإنسان بما يدور في نفسه؟
ج: اللهُ لطيفٌ بعبادِهِ، رحيمٌ بهم، ومن رحمتِهِ أنَّه لم يُكلِّفْهُم ما لا يُطيقون، فلا يُؤاخِذُ الإنسانَ بخواطرِ نفسِهِ ووساوِسِها؛ لما ثبتَ عن أبي هريرةَ ﵁ أنَّ النَّبيَّ ﷺ قال: «إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ لأُمَّتِي عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَكَلَّمْ أَوْ تَعْمَلْ بِهِ»، وفي «المسندِ» قالَ الإمامُ أحمدُ: حدَّثنا عفَّان، حدَّثنا عبدُ الرَّحمنِ بنُ إبراهيم، حدَّثني العلاءُ بنُ عبدِ الرَّحمنِ، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: لما نزلتْ على رسولِ اللهِ ﷺ: ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ اشتدَّ ذلك على أصحابِ رسولِ اللهِ ﷺ، فأتوا رسولَ اللهِ ﷺ ثم جثوا على الرُّكَب، وقالوا: يا رسولَ الله، كُلِّفْنَا من الأعمالِ ما نطيقُ الصَّلاة والصِّيامُ والجهادُ والصَّدقة، وقد أُنْزِلَتْ عليك هذه الآيةُ ولا نُطيقها. فقالَ رسولُ اللهِ ﷺ: «أَتُرِيدُونَ أَنْ تَقُولُوا كَمَا قَالَ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ مِنْ قَبْلِكُمْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا؟ بَلْ قُولُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ»، فلمَّا أقرَّ بها القومُ، وذلَّتْ بها ألسنتُهم؛ أنزلَ اللهُ في إثْرِها: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾، فلمَّا فعلوا ذلك؛ نسخَها اللهُ، فأنزل اللهُ: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ (^١).
(^١) «فتاوى اللجنة الدائمة» (٢٨/ ٤٨٤).
1 / 101