فصاح عمارة: اخسأ أيها الكلب النابح! وسلم نفسه إلى الجند، وأمرهم أن يمروا به على دار القاضي الفاضل، فلما رآه القاضي مقبلا دخل وأغلق بابه؛ فضحك عمارة ساخرا وقال:
عبد الرحيم قد احتجب
إن الخلاص من العجب
ثم أخذ إلى مجلس القضاء، فاعترف غير هياب بكل ما صدر منه، فحكم عليه بالصلب هو وأصحابه، وبينما كان عمارة على خشبة الموت، مرت جنازة يمشي خلفها فقراء القاهرة وعامتهم باكين معولين، فسأل الجند عن صاحب الجنازة فقيل: هذه سيدة القصور ... سدت أمامها منافذ الأمل، وتجهم لها وجه الزمان، فتجرعت سما زعافا ماتت به لساعتها.
فصاح عمارة بالجند: عجلوا بي!!! ... عجلوا بي!! ... فسيقول الناس غدا: إن اليوم الثاني عشر من رمضان سنة تسع وستين وخمسمائة كان يوم الشهداء، ماتت فيه شهيدة العزة والإباء، ومات فيه شهيد الكرامة والوفاء!! ... ثم صاح:
نحن في غفلة ونوم وللمو
ت عيون يقظانة لا تنام
قد فزعنا من الحمام سنينا
واسترحنا لما أتانا الحمام
صفحه نامشخص