وقال تعالى : {ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا} [النساء:60]، أخرج ابن أبي حاتم والطبراني بسند صحيح عن ابن عباس قال : كان أبو برزة الأسلمي كاهنا فقضى بين اليهود فيما يتنافرون فيه، فتنافر إليه ناس من المسلمين، فأنزل الله عز وجل: {ألم تر إلى الذين يزعمون ... } الآية، وأخرج ابن إسحاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس كان الجلاس بن الصامت قبل توبته ومعتب بن قشير ورافع بن زيد وبشير يدعون الإسلام ، فدعاهم رجال من قومهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدعوهم إلى الكهان حكام الجاهلية فأنزل الله عز وجل الآية، ولهذه الأحاديث شواهد أخرجها ابن جرير وعبد ابن حميد وابن أبي حاتم والثعلبي عن ابن عباس استوفاها في الدر المنثور للسيوطي رحمه الله تعالى . قلت : ولا ريب أن هذا القائل الذي قال أريد حكم النصارى قد زاغ وعرض نفسه للوقيعة فيه وشابه المنافقين الذي قال الله في حقهم: {وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا} [النساء:61] . أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال: تنازع رجل من المنافقين ورجل من اليهود فقال المنافق: اذهب بنا إلى كعب بن الأشرف وقال اليهودي: اذهب بنا إلى محمد صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله الآية .
صفحه ۲۰