وتريث جدي دقيقة ثم استطرد: ويل للسكير المجرم! .. إنه المسئول عن هذه المأساة، لأذهبن إليه وأحطمن رأسه!
ولاح الانزعاج في عيني أمي فقالت بجزع: كلا .. كلا .. هذا يزيد من حالنا سوءا!
فقال جدي بإصرار: ينبغي أن يجزى عن شره شرا.
فقالت أمي بتوسل: لا شأن لنا به .. فلنركز اهتمامنا في العثور على الفتاة، علنا نقوم ما اعوج من أمرها.
فحدجها بارتياب وتساءل: لماذا تلحفين في الحيلولة بيني وبين الذهاب إليه؟
فلاح في وجهها الارتباك وتمتمت: أخاف أن يزداد الأمر سوءا.
فقال جدي بحنق: بل تخافين أن يؤدي الشجار إلى أن يسترد كامل .. إنك لا تقيمين وزنا لشيء، ولا تكترثين لغير نفسك، ألا لعنة الله عليكم أجمعين!
ولبس البيت رداء الحزن فكأنه في حداد، واهتصرتنا أيام سود؛ فنكد العيش، وكدت أختنق في ذلك الجو القاتم. وقد غير جدي نظام حياته، وتخلف عن سهراته المعتادة في النادي، وكان يغيب خارج البيت طوال النهار دون أن ندري عن مكانه شيئا. على حين تقضي أمي النهار ساهمة أو باكية. وجاءنا جدي ذات مساء، فلما أن وقع بصره على أمي بادرها قائلا: عثرنا على ضالتنا أخيرا!
فجرت أمي نحوه وهي تصيح: حقا! .. اللهم ارحمنا!
فقال جدي بصوت تنم نبراته عن الارتياح والسرور: أرسلت الفتاة المجنونة إلى مدحت كتابا تنبئه بأنها تعيش في بيت زوجها ببنها، وتسأله المغفرة عن سلوكها الذي اضطرت إليه اضطرارا.
صفحه نامشخص