293

قواعد الترجيح المتعلقة بالنص عند ابن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير

قواعد الترجيح المتعلقة بالنص عند ابن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير

ناشر

دار التدمرية

ویراست

الأولى

سال انتشار

١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م

محل انتشار

الرياض - المملكة العربية السعودية

ژانرها

باختيار أنفسهم على هواهم يفعلون ما يهوونه ولا حجر عليهم، كما أن المنفك لا حجر عليه .. إلى أن قال: فالمقصود أنهم لم يكونوا متروكين لا يؤمرون ولا ينهون، ولا ترسل إليهم رسل، والمعنى: أن الله لا يخليهم ولا يتركهم، فهو لا يفكهم حتى يبعث إليهم رسولًا كقوله تعالى: ﴿أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى﴾ (١) أي: لا يؤمر ولا ينهى، يعني: أيظن أن هذا يكون؟ ! فهذا ما لا يكون البتة، بل لابد أن يؤمر وينهى. وقريب من ذلك قول الله ﵎: ﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٣) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (٤) أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ (٥)﴾ (٢) أنعرض عنكم بسبب إشراككم؟ ! فهذا استفهام إنكاري بمعنى: لأجل إشراككم نترك إنزال الذكر، ونعرض عن إرسال الرسل؟ ! فهذا ما لا يكون. فتبين من ذلك كله أن الأصح في تفسير قوله تعالى: «مُنفَكِّينَ» أي: متروكين، وبه يزول الإشكال الذي أورده الفخر الرازي، ويستقيم السياق، ويتضح المعنى (٣).

(١) سورة القيامة، الآية (٣٦).
(٢) سورة الزخرف، الآية (٤).
(٣) انظر مجموع الفتاوى / شيخ الإسلام ابن تيمية، ج ١٦، ص ٤٨٢ - ٤٨٩.
ونظائر هذه الأمثلة في تفسيره هي الآتي:
١ - ... ما جاء في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ=

1 / 298