كناطح صخرة يوما ليوهنها
فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل
والفارق كبير بين من يقول «كناطح صخرة» فقط، ومن يردد البيت كله! وهذا من أثر «النغمة» التي تكون في الحالة الأولى حادة قاطعة، وفي الثانية مرتخية فاترة، بسبب الإطناب فالكلمات ابتداء من «يوما» وحتى آخر البيت لا عمل لها إلا الإبقاء على التماسك العروضي له. وقس على ذلك الكثير من الشعر. فنحن نقول «من جد وجد» ونفخر بإيجازه ولكن شعرنا حافل بما يجري مجرى الأمثال دون أن يكون بهذا الاقتضاب:
ما في المقام لذي عقل (وذي) أدب
من راحة (فدع الأوطان) واغترب (إني رأيت) وقوف الماء يفسده (إن سال طاب وإن لم يجر لم يطب)
والشمس لو وقفت (في الأفق ساكنة)
لملها الناس (من عجم ومن عرب)
فكل ما بين أقواس زائد وهو من لوازم الإيقاع العروضي أي العضادات التي تسند البيت كي يستقيم وزنه، وإذا قال قائل إن هذا شعر حكم وأمثال وحسب، وقائله «الإمام الشافعي» ليس من الشعراء «المحترفين» سقت إليه نماذج من أعظم شعرائنا دون جهد كبير بل ومما يعرفه طلبة المدارس - من المعلقات مثلا:
ولو كنت وغلا في الرجال لضرني
عداوة ذي الأصحاب والمتوحد (طرفة)
صفحه نامشخص