الإرث الخفي: روكامبول (الجزء الأول)
الإرث الخفي: روكامبول (الجزء الأول)
ژانرها
ثم تركها وقلبها مفعم بالأمل، وانصرف فلقي كولار بانتظاره فقال له: لقد تم كل شيء وفق المراد، فإني لم أسرق امرأة أرمان فقط، بل قد سرقت اسمه ايضا، والآن فلننظر في شأن الملايين؛ إذ قد شفيت نفسي من الانتقام. - هذه هي النقطة المهمة. - وأنا من رأيك، والآن فإني مسافر إلى بريطانيا لأقترن بهرمين.
وهكذا، فإن أندريا قد انتصر بجميع أعماله؛ فإنه سجن فرناند، واستولى على حنة وسريز، ووضع باكارا في مستشفى المجانين، بحيث لم يعد في وسع الكونت أرمان دي كركاز أن يجد الوارث لملايين البارون كرماروت. (25) قلق ليون
مر يوم على اختطاف سريز، التي كانت تمر كل مساء بالمعمل الذي يشتغل فيها خطيبها، وكان ليون ينتظرها في الباب الخارجي في وقت معين، وقد انتظرها ذلك اليوم حسب العادة، فلم تمر به، فقلق وظن أنها مريضة أو أصيبت بسوء، فصبر بملء الجزع إلى أن أقفل المعمل، وانطلق مسرعا إلى منزلها، فقرع الباب فلم يجبه أحد، فظن أنها ذهبت إلى الشارع في بعض الشئون، فلبث منتظرا إلى أن تعود ، وقد طال انتظاره حتى عيل صبره، فنزل إلى البواب وسأله عن سريز فقال له: إنها ذهبت أمس مساء ولم تعد إلى الآن. - كيف ذلك وهل ذهبت وحدها؟ - كلا، بل قد ذهبت مع فاني، خادمة باكارا، وأظن أن أمها أو أختها أصيبت بمكروه، بدليل ما رأيت على وجهها عند خروجها، من ملامح القلق.
فارتاع ليون لذكر باكارا؛ إذ كان يخشى دائما منها، ولم يكد ينتهي كلام البواب حتى تركه وذهب مهرولا إلى شارع مونسي حيث منزل باكارا، فوجد الأبواب والنوافذ مقفلة، فقرع الباب قرعا شديدا فلم يجبه أحد، وكان في زواية الطريق حمال وقد اعتاد خدمة المنزل، فلما رأى ليون يقرع الباب ذلك القرع الشديد تقدم منه وقال له: لا يوجد أحد في المنزل، فإن صاحبته قد سافرت في هذا الصباح. - ذلك مستحيل، ألا تعلم أين ذهبت؟ - كلا.
فاختلج فؤاد ليون وتأكد له أن باكارا قد اختطفت سريز، فترك ذلك المكان وهو يكاد يجن من اليأس، وذهب إلى أمه آملا أنها تفيده شيئا عن سريز، فألفاها لا تعلم شيئا، فذهب إلى صاحب المعمل الذي كان يشتغل فيه وهو يرجو أن ينفعه شيئا برأي سديد، وكان صاحب هذا المعمل رجلا عاقلا محبا لليون، فسكن جأشه وطيب قلبه، وقال إن خطيبته قد ذهبت ولا ريب مع أختها، ووعده أن يذهب معه غدا إلى دائرة البوليس فيعرضون الشكوى، فذهب ليون إلى منزله، ونام تلك الليلة على أحر من الجمر، فلم يغمض له جفن، وعندما طلع الصباح ذهب إلى منزل سريز، فقيل له إنها لم تعد، فتوجه إلى منزل باكارا فوجد الأبواب مقفلة، فذهب إلى صاحب المعمل وانطلقا سوية إلى دائرة البوليس، فأخبرا الرئيس بما علماه عن اختفاء سريز، فقال لهما: إن البنات التي تخطف في باريس يكون اختطافهن في الأغلب الأعم عن طوعهن، ومع ذلك فسأنظر في هذا الشأن، فارجعا إلي بعد يومين.
وكان هذان اليومان لدى ليون أشبه بعامين، فخرج من عند الرئيس وقلبه مفعم من اليأس، فارتأى أن يذهب إلى منزل حنة عساه أن يعلم منها ما يوقفه على سر اختطافها. فذهب ولما وصل لم ير غير جرتريدة جالسة في المنزل، وهي تنوح وتبكي البكاء الأليم، فعلم منها أن حنة قد اختطفت، وأنها قد تركت رسالة هذا نصها:
حبيبتي جرتريدة
إنك ستستيقظين فلا تجديني؛ لأني قد سافرت إلى مكان لا أستطيع أن أخبرك عنه، ولأجل ذلك لا أقدر أن أسميه، أما السبب في هذا السفر الفجائي، فهو أني أريد الهرب من الكونت أرمان دي كركاز الذي لا أحبه لألحق بالرجل الذي هامت به روحي، والذي لا أقدر أيضا أن أسميه، فاطمئني أيتها الحبيبة، وربما نلتقي بعد حين.
فقص عليها ليون خبر اختطاف سريز، وفيما هما يتحادثان سمعا وقع أقدام على السلم، فأطلت جرتريدة بحيث رأت القادم هذا الكونت أرمان دي كركاز، فنظره ليون وقال بمنتهى العجب: هذا الذي رأيناه في بلفيل وأنقذنا من اللصوص.
وكان القادم الكونت أرمان بعينه يصحبه بستيان، فإنه بعدما سمع من أندريا ذلك التحذير على إثر المبارزة، اشتد قلقه على حنة ولم يهدأ له بال، فأسرع مع بستيان إلى زيارتها وهو يقول: إن قلبي يحدثني بمصاب جلل.
صفحه نامشخص