فرجينيا وولف … رواية لم تكتب بعد
فرجينيا وولف … رواية لم تكتب بعد
ژانرها
ويظهر تميز العمل في نجاح المؤلف في تناول الأمر من منظور المرأة، حيث نلمس كيف اخترق دواخل روح هاتين السيدتين، واستطاع أن يستلهم ويستقرئ كيف كانت تفكر وولف أثناء عملية الكتابة وماهية حوارها الداخلي.» (10) عن: رواية لم تكتب بعد
صدرت للمرة الأولى عام 1921م ضمن مجموعة قصصية بعنوان «الإثنين أو الثلاثاء».
هذه القصة لا تتبع النسق التقليدي للقص أو السرد المنطقي المتراتب المتعارف عليه في آونة كتابتها. فالكاتبة تحاول أن تشرح وتشرح عملية الكتابة ذاتها. فنجد الراوية تتكلم عن رواية تحاول أن تكتبها، لكنها لم تكتبها بعد. تصف لنا كيفية تخلق الفكرة والحبكة والسرد القصصي ومحاولات الكتابة والإخفاق والتعديل ثم إعادة الكتابة.
ستبني الراوية حبكتها الدرامية من خلال ما تستطيع قراءته من أفكار السيدة التي تجلس قبالتها في عربة بالقطار أثناء رحلة إلى الجنوب الإنجليزي. ستظل طوال الوقت ترقبها خلسة بعد أن أطلقت عليها اسم «ميني مارش». فتبني شخوصا محتملة وحبكة درامية لرواية على وشك الكتابة، وتغذي السرد بملاحظاتها حول السيدة بالمشاهدات الواقعية عبر نافذة القطار. وتنجح الراوية في تضفير الواقع بالخيال، والمتعين بالذهني، فإذا مر القطار بمدينة بها بعض البيوت المترامية، تلتقط عينها غرفة النوم العلوية في أحد تلك البيوت، لتنسج خطا دراميا توشجه في متن القصة المفترضة، وهكذا.
ولذا سنلمس تلك الوثبات المباغتة بين الواقعي والخيالي، بين صوت الراوية الراصد، وصوت الشخوص، في تداخل وتشابك قد يستغلق على القارئ في البدء ريثما يعتاد تلك الآلية مع تقدم القراءة.
لأن هذه القصة بروفة أولى أو مسودة (تعمدت الكاتبة أن تبدو على هيئة مسودة غير مكتملة) لرواية لم - ولن - تكتمل، سنجد فترات تأمل وتفكير من المؤلفة، أو لحظات توقف عن الكتابة بين الحين والآخر، عبرت عنها فرجينيا بشرطة مطولة ( -- )، وقد قمت بوضعها في ذات المواضع حسب النص الأصلي.
الارتباك في السرد مقصود من الكاتبة، لأنها تقف فوق لحظة الكتابة ذاتها بكل ما يعتورها من انصهار الوعي في اللاوعي، وبكل ما فيها من تردد ومفاضلة واختيار في محاولة لاقتناص الفكرة ثم العدول عنها أو إعادة تحريرها، وهكذا. إضافة إلى منهج وولف السردي خلال أسلوب التداعي الحر.
وقد حاولت أن أنقل ذلك الارتباك بأمانة قدر الإمكان، إلا في الحالات التي ارتأيت فيها أن اختلاف الروح والبنية الصياغية بين اللغتين الإنجليزية والعربية، سوف يسبب إلغازا وطلسمية عند المتلقي، في تلك الحالات فقط جانبت الأمانة قليلا ومارست النزر اليسير من «اللصوصية» أو التوضيح الطفيف بقدر ما يخفف حدة الغموض ويخدم عملية التلقي، وفي ذات الوقت لا يستلب من النص الأصلي ولا يضيف إليه.
تنتهج هذه القصة - كما يقول النقاد - أسلوب السرد التجريبي الحداثي، خلال لغة إنجليزية تقليدية رصينة. وهي عبارة عن مونولوج داخلي مندرج تحت «تيار الوعي» ومتأرجح بين شحذ الخيال الذاتي والرصد الظاهري للواقع الخارجي. وهذا السرد القصصي الذي يتماوج بين التشكيل التخيلي وبين الملاحظة الموضوعية، يقود الراوية صوب اكتشافات غير متوقعة سواء عن ذاتها أو عن طبيعة الفن والإبداع وعن كيمياء التشكيل الأدبي. (11) الملامح الرئيسية للعمل
تفتيت التراتب الزمني الكرونولوجي.
صفحه نامشخص