دو رساله که ابن حزم در آنها به دو رساله پرسیده شده پاسخ داده است

ابن حزم d. 456 AH
20

دو رساله که ابن حزم در آنها به دو رساله پرسیده شده پاسخ داده است

رسالتان له أجاب فيهما عن رسالتين سئل فيهما سؤال التعنيف

پژوهشگر

د . إحسان عباس

ناشر

المؤسسة العربية للدراسات والنشر

شماره نسخه

الثانية

سال انتشار

1987 م

محل انتشار

بيروت / لبنان

فالجواب - وبالله تعالى التوفيق - إن هذه طريق ضلال ، ومن تلاعب الشيطان بمن أراد ( 4 ) الله تعالى به الخذلان ، ولو وجب أن لا يرجع أحد إلى ما قام به البرهان خوف أن يأتيه غيره بحجة أخرى ، لما وجب أن يؤمن كافر أبدا ، ولا أن يتوب مبتدع أبدا ، ولا أن يرجع مخطئ إلى حقيقة أبدا ، لأنه يقول اليهودي والنصراني والمجوسي والثنوي إذا أخذته الحجة ، وقام عليه البرهان : كيف أرجع إليك ولعل غيرك يلقاني يوما ما فيأتيني بحجة وبرهان ودليل يقهرني ، بخلاف ما أوضحت أنت وبينت ، فأرجع إليه أيضا ، وهكذا أبدا ويقول الخارجي والرافضي والمرجى والمعتزلي إذا قامت عليه الحجة ، واثبت له البرهان : كيف أرجع إلى قولك ، ولعل غيرك يلقاني يوما فيأتيني بحجة وبرهان ، ودليل يقهرني بذلك بخلاف ما أضحت أنت وبينت فأبقى حيران ويقول الحنفي والشافعي والحنبلي كذلك أيضا سواء سواء ، فعلى هذا القول الباطل يجب أن يبقى اليهودي على دينه ودين أبيه ، والنصراني كذلك والمجوسي كذلك والثنوي يجب ان يبقى اليهودي على دينه ودين أبيه ، والنصراني كذلك والمجوسي كذلك والثنوي كذلك والمعتزلي كذلك والخارجي كذلك والرافضي كذلك ، فأي قول في الأرض أبعد عن الهدى من قول أدى إلى هذه الطريقة وهذا [ 185 / أ ] باب لا تنجلي الحيرة فيه عن الممتحن بها بكلام يسير ، ولا بد لطالب الحقائق من أن يسمع حجة كل قائل ، فإذا أظهر البرهان لزمه الانقياد والرجوع إليه ، وإلا فهو فاسق . والبرهان لا يجوز أن يعارضه برهان آخر ، فالحق لا يكون شيئين مختلفين ولا يمكن ذلك أصلا ، والحق مبين في الملل والديانات بموجب العقل والبراهين الراجعة إلى أول الحس والضرورة . فلا بد لمن أراد الوقوف على الحقائق من طلب العلم المؤدي إلى معرفة البرهان ، والحق يستبين في النحل بالرجوع إلى القرآن الذي اتفقت عليه الفرق ، وإلى الإجماع المتيقن . فلا بد لمن أراد الوقوف على الحقائق في ذلك من الوقوف على ما أوجبه القرآن وصح به الإجماع . والحق يتبين فيما اختلف فيه العلماء بالرجوع إلى ما افترض الله تعالى الرجوع إليه من أحكام القرآن والسنن المسندة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فواجب على كل مسلم طلب ما يلزمه من ذلك والبحث عنه واعتقاده الحق إذا صح عنده ، وكل هذا لا يدرك بالأماني الفاسدة ولا بالأهذار الباردة ولا بالدعاوى الكاذبة ، لكن بطلب أحكام القرآن والبحث عن الحديث وضبطه والاشتغال به عما لا يجدي ولا يغني ، وحسبنا الله ونعم الوكيل . [ أما قولهم ] : إن حديث النبي صلى الله عليه وسلم متسع جدا أكثر من أن يحصى أو يحاط به ، ويدعي غيرك أن الحديث الذي ترويه أنت منسوخ والذي يرويه هو هو [ الناسخ ] بأصح أسانيد - فكلام باطل ؛ بل حديث النبي صلى الله عليه وسلم محصى مضبوط مجموع مستقصى ( 1 ) ولله الحمد . ومن ادعى في حديث انه ناسخ أو منسوخ لم يصدق ألبتة إلا بأن يأتي على ما يدعيه بذلك بنص صحيح يخبر ( 2 ) انه منسوخ ، أو بإجماع صحيح يخبر انه منسوخ ، أو بتقدم تاريخ مع تعذر الجمع بينهما ، وكل هذا سهل ممكن لمن طلبه لا لمن قعد يهذر ويشتغل بالحديث البارد ، وبالله [ 185 ب ] تعالى التوفيق . وأما قولهم : ' إذ كل ما ذكرتم مانع من الرجوع إلى ما قامت به البينة ' ( 3 ) . فالحجة ( 4 ) عندكم فيما اعتقدتم مذهب مالك ولعل غيره أصح منه . فإن قالوا : وجدنا عليه من وثقنا به من شيوخنا . قيل لهم : وهكذا يقول أهل كل مذهب فيما هم عليه ، وهكذا يقول أهل كل ملة فيما هم عليه ، وهكذا يقول أهل كل نحلة فيما هم عليه : انهم كلهم وجدوا على ما هم عليه من وثقوا به ، ومن لا يتهم بأنه ما جهل الحق ، ولا انه قال الباطل . فحصلنا من هذا الجنون على لزوم الضلال وعلى قوله تعالى : { إنا اطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا } ( الأحزاب : 67 ) . ويقال لهم : لا يخلو السائل عن هذا من أن يكون ممكنا منه طلب العلم وفهمه ، أو يكون غبيا ( 1 ) لا يقدر على الطلب . فإن كان ممكنا منه طلب العلم ، فليطلب وليبحث حتى يقف على البرهان ويعرفه . وإن كان غبيا ، فليقل لمن أفتاه بشيء فيما نزل به : أهكذا أمر الله تعالى ورسوله فإن قال له : نعم ، أخذ به ، وإن قال : لا ، أو قال له : هذا قول فلان ، وذكر أحدا من دون النبي صلى الله عليه وسلم من صاحب أو تابع أو فقيه أو سكت عنه ، لم يلزمه اتباعه ، وطلب عند غيره ، وبالله تعالى التوفيق

22 - ثم قالوا : ' ومما ( 2 ) يحتج به عليك أيضا أن أسماء الرجال والتورايخ تختلف في الآفاق والأسانيد ، فمنها ما فيه الضعيف قوي ، والقوي ضعيف ، فكيف لك بالتغليب في الأحاديث المتضادة المتعارضة وقد يكون الرجال في الحديث الذي يرونه في طريق النهي ، هم الذين يرونه من طريق الأمر ، أو يتفرقوا فيكونوا هم ثقات لا داخل فيهم ، إن غلبت أصحاب النهي ، فقد كذبت ( 3 ) أصحاب الأمر وليسوا أهلا للتكذيب ' .

صفحه ۹۹