فصل
ومما ألقيت إليكم من هذا الجنس أن الله يضل عن الدين ويخلق الضلالة عن الحق المستبين ويزين الكفر في قلوب الكافرين ويكره إليهم الإسلام والمسلمين , فقبلتم ذلك مني وقلتم صدقت!
وأنكرت المعتزلة ذلك أشد الإنكار , وقالوا : هذا يهدم الدين ويناقض كلام رب العالمين , وتلوا :{ وأضل فرعون قومه وما هدى } { وأضلهم السامري } و{ رب إنهن أضللن كثيرا من الناس } , وقالوا : يستحيل أن يأمر بشيء ويحث عليه ثم يضل عنه , وينهي عن شيء ثم يخلقه فيه .
وقال بعض المعتزلة لمجبر : ممن الحق ؟
قال : من الله .
قال : فمن الحق ؟
قال : الله .
قال : فممن الباطل ؟
قال : من الله .
قال :فمن الباطل ؟
فسكت .
واجتمع عند جعفر بن سليمان أبو الهذيل ومكنف المجبر وهو لا يعرف أبا الهذيل . قال أبو الهذيل : أريد أن أسألك شيئا وأتعلم منك . فقال : سل . فقال : أخبرني عن طفل بلغ فوقع في قلبه أن الله واحد , من أوقع ذلك في قلبه ؟ فقال : الله . فقال : أوقع في قلبه الحق وصدقه في ما ألقاه ؟ قال : نعم .قال : وآخر بلغ ووقع في قلبه أن الله ثالث ثلاثة , من أوقع ذلك في قلبه ؟ قال : الله . قال : فالقي إليه الحق وصدقه في ما ألقاه ؟ فسكت مكنف . فقال له جعفر : يا حمار ! هذا أبو الهذيل .
ودعى مجبر مجوسيا إلى الإسلام , فقال : الأمر ليس إلي . فقال : صدقت ! ومضى .
صفحه ۳۲