فأما أنتم إخواني وسادتي فما خالفتموني في ذلك كصنيع المعتزلة , بل قبلتم ورويتم في ذلك الأحاديث وقلتم : إنه يعذب الأطفال بذنوب الأباء , ويحمل ذنوب المسلمين على اليهود والنصارى , وانه لو عذب الأنبياء وأثاب الفراعنة لما يقبح منه , ولو أضل العالمين وعذبهم لا يقبح , وأنه خلق عبادة الأوثان وسب نفسه وقتل الأنبياء والأولياء وكل كفر وضلال .
اجتمع عندي نفر من مشايخنا ومن المعتزلة , فإذا قرأ قارئ : { والذين آمنوا أشد حبا لله }, فقال رجل من المعتزلة : لا أحد اشد حبا لله من المعتزلة , فقيل له : لم؟ قال : لأنهم قالوا هو المنعم بضروب من النعم ومنه كل الخيرات ولا شر في أفعاله ولا قبح في قضاه ولا خلف في مقاله , يرجى من عنده كل خير ويؤمن كل شر , يثيب على الطاعات ويعفو عن السيئات ومن كان هذا حاله فلا حب فوق حبه , والمجبرة تزعم أن كل شر من عنده وانه لا يؤمن شره بل لا يؤمن من عبده مائه سنة أن يدخله النار وأن يخلق فيه الكفر وينزله مع الكفار , فمن هذا اعتقاده فيه كيف يحبه ؟ وقص سيفويه القاص فقال في قصصه من أنت حتى لا يظلمك الله يا عاض بظر أمه ؟ نعم يظلمك هوان لك ويعذبك بغير جرم ويخلق فيك الضلال ويأخذك به ويكلفك ما لا تستطيع . فقام معتزلي من بين المجلس وقال : تبا لك مع هذه المقالة , هذا سوء ثناء على رب العالمين . فقال : أخرجوه ولا تستمعوا إليه .
صفحه ۲۵