رسالة ابلیس
رسالة إبليس إلى إخوانه المناحيس
ژانرها
... ولقد أقر بالإسلام ولكن شرع في إبطاله فصلا فصلا، ووافق جماعة من الكفار في أقوالهم. ووافق جماعة من المجوس في أن من يقدر على الخير لا يقدر على الشر ومن يقدر على الشر لا يقدر على الخير. ووافق اليهود في أن النبي ليس بنبي في قبره، وأن النسخ لا يجوز لأن الكلام شيء واحد فكيف يجوز النسخ فيه. ووافق النصارى في قولهم ثالث ثلاثة أقانيم جوهر واحد وقد قال هو ثلاثة أشياء شيء واحد. ووافق الملحدة في أن ما يفعله المسلمون من الخير لا جزاء لهم عليه، وخالفته المعتزلة في جميع ذلك ولزموا الطريقة المستقيمة.
... وأما الكرامية فحماقاتهم أكثر من أن تحصى، وكان رئيسهم ابن كرام جاهلا وأصحابه جهلة. زعموا أنه تعالى جسم. وقالوا: لا يتناهى من خمس جهات ويتناهى من جهة العرش، وقالوا : أنه تعالى نور مشرق، فوافقوا المانوية والديصانية في ذلك. وقالوا : أنه محل للحوادث فلا يحدث في العالم حدث إلا ويحدث قبله في ذاته شيء. وقالوا : كان الله في ما لم يزل خالقا رازقا بخالقوقيته ورازقوقيته، وأنه كان فاعلا لم يزل مثيبا معاقبا مرسلا للأنبياء. وزعموا أنه تعالى لم يقدر على خلق العالم قبل وجوده. وقالوا : لله علم وقدرة وحياة وسمع وبصر، وكل اسم له فهو معنى غير قديم وهي أعراض قديمة.
... وذهب بعضهم إلى أن له يدين لا يوصفان بجسم ولا عرض، وقائله يعرف بالمازني.
... وذكر ابن كرام في كتاب عذاب القبر أنه تعالى جوهر، وقال : أحدي الذات وأحدي الجوهر، فخالف الأمة بذلك. وجوز أن يكون لله كيفية، وذكر كيفوفية الرب، وهذا يدل على جهله.
... وذكر في كتابه الملقب بالتوحيد " إن سألك إنسان عن طوله فقل { ... ذي الطول لا إله إلا هو ...} " ! فلم يعرف الفرق بين الطول والطول. واستدل على أن له حدا بقوله : { قل هو الله أحد } فقدر أن " أحد " مأخوذ من الحد. والعجب اتباع رجل بلغ هذا المبلغ في الجهل.
...
صفحه ۱۰۷