الضرب الثاني: استصحاب حكم الإجماع: وهو أن تجتمع الأمة على حكم ثم تتغير صفة المجمع عَلَيْه، بأن يختلف المجمعون عَلَيْه، فهل يجب استصحاب حكم الإجماع بعد الاختلاف، حَتَّى ينتقل عنه أُم لا (١)؟
فذهب أكثر أصحابنا، وأصحاب أَبِي حنيفة والشافعي إِلَى أَنَّهُ لا يَجوز ذلك، ويجب طلب الدليل فِي مواضع الخلاف (٢).
وذهب أَبُو إسحاق ابن شاقلا (٣): إِلَى أَنَّهُ يجب استصحاب حكم الإجماع (٤)، والصحيح الأول (٥)، ووجهه أن الإجماع لا يبقى بعد
_________
(١) وجهان للحنابلة فِيهِ ذكرها الكلوذاني وسيأتي تفصيلها. انظر: التمهيد لأبي الخطاب (٤/ ٢٥٤).
(٢) وقول جماعة من المالكية ونسبه أَبُو الخطاب للمحققين من الفقهاء والمتكلمين. انظر: الردود والنقود للبابرتي (٢/ ٦٦٠)، وفواتح الرحموت للأنصاري (٢/ ٣٥٩)، وإحكام الفصول للباجي (٢/ ٢٣٩)، ومراقي السعود إِلَى مراقي السعود للمرابط ص ٣٩٨، وشرح اللمع للشيرازي (٢/ ٩٨٧)، ونهاية السول للإسنوي (٢/ ٩٣٧)، والعدة لأبي يعلى (٤/ ١٢٦٥)، والتمهيد لأبي الخطاب (٤/ ٢٥٤)، والواضح لابن عقيل (٢/ ٣١٦)، روضة الناظر لابن قدامة (١/ ٤٤٩)
(٣) هو إبراهيم بن أحمد بن عُمَر بن حمدان بن شاقلا، ولد سنة ٣٢٥ هـ، صحب المروذي كَانَ عابدا صالحا جليل المقدار كثير الرواية حسن الكلام فِي الأصول والفروع وسمع من أَبِي بكر الشافعي وابن الصواف وغيرهما، توفي سنة ٣٦٩ هـ. انظر: طبقات الحنابلة لابن أَبِي يعلى (٣/ ٢٢٧)، والمقصد الأرشد لابن مفلح (١/ ٢١٦).
(٤) وهو قول ابن حامد وغيرهما من الحنابلة ونسبة غير واحد من العلماء كالمرداوي والشيرازي والزركشي إِلَى داود وَأَبِي بكر الصيرفي والمزني وَأَبِي ثور والآمدي وابن الحاجب. انظر: شرح اللمع للشيرازي (٢/ ٩٨٧)، منتهى الوصول والأمل لابن الحاجب ص ١٥٣، والبحر المحيط للزركشي (٦/ ٢٢)، والتحبير للمرداوي (٨/ ٣٧٦٤).
(٥) رجح المؤلف ﵀ قول الجمهور فِي عدم الحجية. انظر: المراجع السابقة.
1 / 80